بوشعيب خلدون ـ إن المتتبع لمسار الفنانين الأوائل ليس في الفن التشكيلي فحسب بل في كل الفنون وزد على ذلك الأدب والشعر والنقد.. لم يكن المبدع المؤسس لمرحلة ما في الفن مجرد رسام يحمل الفرشاة ويتنقل بين المهرجانات فارغ المحتوى والفكر .. هنا سأبدأ من حيث كتب كندنسكي والذي خصص لها الفنان والناقد عبدالرزاق عكاشة حلقتين نشرناهم عبر مجلة اربريس، وهذا ليس وليد صدفة بل هو اجابة لكل من لم يستوعب بعد أن المسار الفني للمبدع والباحث في الجماليات سواء رسما او كتابة او عارضا .. لابد ان يكون نتاجه مبني على أسس بحثية وعلمية ومدارك تقوده إلى النور كما هو الشأن لرجالات التصوف الذين نهلوا من كل العلوم بما فيها علوم الدين لكنهم غيروا مفاهيمها من النص الديني الى الروحي بادراك عميق الدلالات والمعاني مخاطبين بالعقل الروح .. وهو ما اراه ينطبق على فناني الحداثة المعاصرين الجادين وليس المتطفلين الذين ينحثون أسماءهم في ملتقيات همها الوحيد والأوحد جمع المال وتزكية أشباه الفنانين والطفيليين الذين أصبح عالمنا العربي يعج بهم ويجدون حتى تغطية من وزارات الثقافة .. أعود إلى كندنسي الذسي يعزف باللون ويرسم لكي يجيب عن تساؤلات فنان مفكر ولد فيه فحينما يقول كاندنسكي أن تجـريد الشئ يعني ..( نزع السطحي عَـنـهَ .. للوصول للعمق ) .. تطهير الشكل من القناع الخارجي . ليست هذه الكلمات المنتقاة في مقال عكاشة مجرد لغة فحسب بل هو تحليل عميق ومسترسل عن وعي الفنان حينداك لمرحلة جديدة كان يـؤسس لها ليس عن فراغ والمتتبع لكندنسكي سيقف مشدوها لهذا الكم من الأعمال وأيضا الكتابات التنظيرية والبحث في علم الجمال الذي يبقى هو المدخل الرئيسي لكل عمل فني بما يسمى بالقاعدة الذهبية .. لن أضيف اكثر مما سلف كتابته صديقي وأخي عبدالرزاق عكاشة وهو هنا يطرق أبواب كانت مغلوقة وتتخوف من الحديث عن مجال اصبح مرتعا للدخلاء ومن جهتي ادعو كل الفنانين الجادين ان ينخرطوا في هذا النقاس للمـوسس له والذي سيكون نورا في ظلمة نعيشها في زمن التحكم في كل المجالات وحتى الفن الذي يبقى ساميا لم يسلم منها بل اصبح هو الأداة والوسيلة ليس لخلق الجمال بل لإفساد الذوق العام.. استوقف عند رد الفنان فاروق حسني تعقيبا عن مالمقال .. يقول .. هذا المقال يعد توضيحا كاملا لإستيعاب التجريد وتوصيله إلى كل إنسان بثقافته .. وهو بحق مقال جدير .. لك مني كل التقدير والإحترام انتهى قول الفنان فاروق حسني والذي شخصيا اجد ان اعماله تسير في توجه الباحث المدرك لعلوم اللون والشكل وماهية التجزيد والذي كان احد اسباب انخراطنا في هذا الحوار الذي يبدو لي أنه سنة حميدة… وقبل الختم أتساءل هل فعلا تعيش فنوننا العربية حاليا ماكانت تعيشه الفنون في مرحلة الكبار ككندنسكي وبول كليه وبيكاسو وفانغوغ وبراك وجياكوميتي وليونازدو واللئحة طويلة .. الجواب بالقطع لا… لنا تتمة في الموضوع