في حلقة جديدة من برنامج “ضيوف مع خلدون“، نستضيف اليوم شخصية بارزة في مجال التدريب والتطوير المهني، الدكتور عماد محمد، استشاري الكوتشينج والتدريب المتقدم، ومؤسس المركز الأمريكي الكندي للتنمية البشرية (ACCHD). بخبرة تمتد لأكثر من عشرين عامًا، استطاع أن يُحدث تأثيرًا واسعًا في مجالات القيادة، التنمية الذاتية، والتدريب الإلكتروني، محققًا إنجازات كبيرة داخل المغرب وخارجه.
يناقش الدكتور عماد محمد خلال هذا الحوار قضايا متعددة، من بينها تجربته في المغرب، والتطور الذي شهدته المملكة تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ورؤيته للإعلام المغربي ومستقبله في ظل الأحداث الكبرى مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030. كما يتطرق إلى دور الكفاءات المغربية في الداخل والخارج، وأهمية التدريب في تعزيز القدرات الوطنية.
وفي ظل التحولات الرقمية المتسارعة، يشاركنا الدكتور عماد رؤيته حول دور الذكاء الاصطناعي في التعليم والتدريب، والتحديات التي تواجه التعليم عن بعد في العالم العربي. كما يقدم نصائح مهمة للمثقفين المغاربة حول ضرورة مواكبة العصر الرقمي، ويدعو الشباب المغربي إلى التمسك بطموحهم والعمل على تطوير مهاراتهم القيادية وريادة الأعمال لتحقيق النجاح.
حوار غني بالأفكار والتحليلات العميقة، يكشف لنا جوانب جديدة عن مستقبل التدريب، الإعلام، والتعليم الرقمي في المغرب والعالم العربي.
حوار بوشعيب خلدون مع الدكتور عماد محمد، استشاري الكوتشينج والتدريب المتقدم، ومؤسس المركز الأمريكي الكندي للتنمية البشرية (ACCHD)
1. رمضان في المغرب: كيف يقضي الدكتور عماد محمد شهر رمضان في المغرب؟ وهل تحافظون على تقاليد المائدة الفلسطينية أم أنها أصبحت مزيجًا بين الثقافتين؟
– تتميز الطقوس الرمضانية في المغرب بطابع خاص ومميز، وهذا يُضفي عليها جمالاً فريداً. يمنحني شهر رمضان المبارك قدرة استثنائية على إنجاز أعمالي، المهنية منها والشخصية، مع حرصي على الروحانيات والعبادات.
أما مائدة الإفطار، فتجمع بين أشهى المأكولات المغربية وما تعودت عليه منذ الصغر، مُشكّلةً تجربةً تجمع بين متعة الطعام وحنين الذكريات.
2. اختيار المغرب والتطور الذي تشهده المملكة: د. عماد، أنتم قادمون من بيئة مختلفة، ما الذي دفعكم لاختيار المغرب كمكان للاستقرار والعمل؟ وكيف تقيمون التطور الذي شهدته المملكة منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش؟
– يمتاز المغرب بجمال طبيعي وثقافي خلاب، وقد ساهم تنوعه في إيجاد بيئة مثالية للتفاعل الحضاري. لقد زرت المغرب سائحاً عام 2005، مستطلعاً فرص العمل المتاحة، بدافعٍ من المعلومات التي تلقيتها عن الانفتاح الاقتصادي الذي شهده المغرب منذ تولي صاحب الجلالة الملك محمد السادس مقاليد الحكم، وقد لمسّتُ شخصياً آثار هذه المبادرات الإيجابية خلال عشرينيّة إقامتي بالمغرب.
انتقلت من مرحلة السياحة إلى الإقامة الدائمة، مدفوعاً بروح الألفة التي وجدتها داخل المجتمع المغربي، فالمغرب ببساطة وطنٌ لا يُشعرك بالغربة، بل يُدمجك في نسيجه الاجتماعي برحابة صدر.
3. تقييم الصحافة المغربية: بحكم خبرتكم الطويلة في مجال التدريب والتطوير المهني، كيف تقيمون واقع الصحافة في المغرب خلال السنوات الأخيرة؟ وما رأيكم في ضرورة تطوير الإعلام المغربي لمواكبة الأحداث الكبرى مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030؟
– يمتد تاريخ خبرتي في مجال التدريب لأكثر من 25 عاماً. بدأت مسيرتي خارج المغرب عبر المركز العربي الثقافي، ثم واصلتها داخل المغرب منذ عام 2005 مع مركز التعليم الأمريكي، تلاه عملي مع المركز الأمريكي الكندي. وقد برز اهتمامي بالصحافة عام 2023، رغم شغفي القديم بهذا المجال الإعلامي، إلا أن الفرصة سانحتني للالتحاق بالمعهد العالي للصحافة بالمغرب عام 2023 لدراسة هذا المجال بعمق وفهم أبعاده العلمية والمهنية. وألاحظ من خلال متابعتي تطوّراً متدرجاً ومتوازناً للإعلام في المغرب، مع الحفاظ على خطاب متزن يحفظ النسيج الوطني ويلتزم بالعهود الدولية في توازن دقيق. وبالنظر إلى الاستحقاقات الرياضية الكبرى التي سيستضيفها المغرب، خاصة عام 2030، أرى الإعلام جاهزاً من خلال التأطير والإعداد للوصول إلى المستوى المطلوب، بما يعكس المكانة الحضارية للمغرب بين الأمم.
4. مستقبل الإعلام المغربي: هل تعتقدون أنه حان الوقت للانتقال من الصحافة التقليدية إلى منصات إعلامية حديثة ذات بُعد عالمي تستفيد من التجارب الدولية والخبرات المغربية بالخارج؟
– يمتاز مجال الصحافة بتأسيسه العلمي الراسخ، الذي يخضع لقواعد وأجناس متعددة. ويُعد الإعلام الرقمي لغة العصر، وأداةً فعّالةً لا غنى عنها للتواصل مع الجمهور كافة بلغة يفهمها، مع مراعاة الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية.
5. الكفاءات المغربية في المهجر: كيف ترون مساهمة الكفاءات المغربية في الخارج في النهضة التي يشهدها المغرب، خصوصًا في ظل التحضير لكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030؟ وما الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الكفاءات في تعزيز التنمية؟
– تظهر العلاقة القوية بين المغاربة المقيمين بالخارج ووطنهم الأم، من خلال ما ألاحظه، التزامهم الدائم بالمساهمة في مختلف المجالات، سواء من خلال الكفاءات البشرية أو الدعم المالي. ويُعد دورهم بالغ الأهمية ومساهماتهم المباشرة وغير المباشرة ذات أثر كبير.
6. دور مركزكم في تنمية الكفاءات: من خلال عملكم في المركز الأمريكي الكندي للتنمية البشرية، كيف تقيمون مستوى الكفاءات المغربية؟ وما الدور الذي تلعبونه في تطويرها؟
– يتبنى المركز الأمريكي الكندي مسؤولية نشر ثقافة التدريب بمختلف المجالات داخل المغرب. فقد لمستُ تقدماً ملحوظاً في مستوى الكفاءات المغربية وقدرتها على مواكبة التطورات، كما أن شغفهم بالتعليم والتدريب فريد من نوعه. ونحرص في برامجنا التدريبية على الاستعانة بكفاءات متميزة من المغرب وخارجه، بهدف تبادل الخبرات والمعارف، متشبثين دائماً بشعارنا: الإنسان أولاً، وشركاء لا زبائن.
7. التعاون مع الجامعات المغربية: هل لديكم تصورات أو مشاريع مستقبلية للتعاون مع الجامعات المغربية في مجال التدريب والكوتشينغ؟ وما أهمية الشراكات بين مراكز التدريب والمؤسسات الأكاديمية؟
– نسعى لتعزيز الشراكات مع الجامعات والمعاهد العليا بالمغرب في مجال التدريب، بما يضمن تكاملاً فعالاً بين الجانب الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل. مع ذلك، لا تزال وتيرة التقدم بطيئة في هذا المجال، لكننا نتطلع إلى مستقبل أفضل.
8. الذكاء الاصطناعي والتعليم: كيف تنظرون إلى دمج الذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية والمهنية؟ وهل ترون ضرورة مراجعة مناهج التدريس، خصوصًا في معاهد الإعلام، لمواكبة العصر الرقمي؟
– أرى أن الذكاء الاصطناعي أداة فعالة تدعم الإنسان، لا تحل محله، فهو يوفر الوقت ويرفع كفاءة الإنتاج. ينبغي على مستخدميه توظيفه لتعزيز قدراتهم في التعلم وإنجاز المهام، مع تجنب الاعتماد عليه بشكل كامل، والحفاظ على مهارات التفكير النقدي والتحليل والكتابة، وغيرها من المهارات الأساسية للطلبة والمحترفين على حد سواء. كما أن دمج الذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية، وخاصة الإعلامية، أمر بالغ الأهمية، مع التأكيد على عدم إغفال الدور الإبداعي للعنصر البشري.
9. المثقف المغربي في العصر الرقمي: برأيكم، هل يواكب المثقف المغربي تحولات العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي؟ أم أنه ما زال يعيش في إطار الفكر التقليدي؟ وما هي نصيحتكم للشعراء والمثقفين في هذا المجال؟
– يسير المثقف المغربي، شأنه شأن بعض مثقفي الدول الأخرى، بخطوات بطيئة نحو الرقمنة، مع وجود بوادر مواكبة عند البعض، وإن كانت في مراحلها الأولى.
لقد بلغ العالمُ مبلغاً كبيراً في الرقمنة بمختلف مجالاته، بينما ما زلنا نحن نناقش جدوى التحول الرقمي.
سواء أردنا أم أبينا، فإن هذه هي لغة العالم اليوم، وقد فرضت نفسها بقوة، لذا فإن الاندماج ومواكبة لغة العصر أمرٌ بالغ الأهمية لتجنب التخلف عن ركب الحضارة، ولئلا نستخدم لغةً وأدوات لا يفهمها حتى أقرب الناس إلينا، مع الحرص على الحفاظ على قيمنا، وعدم السماح بالميوعة الثقافية والسطحية في التعامل مع مختلف الأمور.
10. التدريب والتعليم عن بعد: بصفتكم خبيرًا في التدريب الإلكتروني، كيف تقيمون مستقبل التعليم عن بعد في العالم العربي؟ وما التحديات التي تواجهه؟
– يتجه مستقبل التعليم والتدريب نحو التعليم عن بُعد، وقد حقق العالم تقدماً ملحوظاً في هذا المضمار. لكن العالم العربي يواجه تحدياً يتمثل في أزمة ثقة وتشبث ببعض الأساليب التقليدية، إذ لا يزال التعليم مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالحضور المباشر في الفصول الدراسية وبالمدة الزمنية المخصصة للدراسة. يجب علينا مواجهة هذه التحديات الفكرية للمشاركة الفعالة في التقدم التعليمي العالمي. سيتطلب الأمر تبني التعليم عن بُعد عاجلاً أم آجلاً، كما حدث مع أمور أخرى، ولكن من يتبنى هذا التوجه بوعي ويتكيف مع المتغيرات الجديدة سيجني ثماره، بينما من يدخله مُكرهاً قد لا يحقق الاستفادة المرجوة.
11. رسالة للشباب المغربي: ما هي رسالتكم للشباب المغربي الطامح إلى تطوير نفسه في مجالات القيادة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال؟ وما هي القيم التي يجب أن يتحلى بها لتحقيق النجاح؟
– يتميز الشباب المغربي عموماً بطموحه وتميزه.
رسالتي لهم: تمسكوا بأهدافكم، واسعوا لتحقيقها رغم التحديات والصعوبات، واحرصوا على التعلم المستمر والمصداقية.
سأتشارك معكم بعض المبادئ التي تنير لكم الطريق:
أولا– لا تقبلوا المعيب، أي شيء ناقص ولا ينفع الناس فلا تقبلوه من حيث المبدأ.
ثانيا– لا تصنعوا المعيب، لا تقدموا ما يضر الآخرين ولا يساهم في رفعة وطنكم.
ثالثا– لا تروجوا المعيب، لا تجعلوا التفاهات تتمدد من خلالكم، بل واجهوها لتقف عندكم ولا تصل إلى غيركم.
#ضيوف_مع_خلدون
#عماد_محمد
#الكوتشينج
#التدريب_والتطوير
#التعليم_عن_بعد
#التنمية_البشرية
#تطوير_الكفاءات
#الإعلام_الرقمي
#الشباب_المغربي
#رمضان_في_المغرب
#الذكاء_الاصطناعي
#التعليم_والإعلام
#ريادة_الأعمال
#القيادة_والإدارة
#المغرب
#الابتكار_والتكنولوجيا
#التدريب_الإلكتروني
#مستقبل_الإعلام
#القيم_الشخصية
#التنمية_الذاتية
#كأس_إفريقيا_2025
#كأس_العالم_2030