.

#ضيوف _Weekend_مع_خلدون : الدكتورة ماجدة كريمي.. البحث الأكاديمي رافعة أساسية للترافع عن مغربية الصحراء والاعترافات الدولية المتتالية تقرب من الحسم النهائي لهذا الملف المفتعل

Voice recorder banner. Mobile technologies for recording sound, dictate messages and speech. Vector landing page of dictaphone with isometric illustration of microphone, smartphone and woman
Voice recorder banner. Mobile technologies for recording sound, dictate messages and speech. Vector landing page of dictaphone with isometric illustration of microphone, smartphone and woman

   من التجارة الصحراوية إلى الحكم الذاتي: قراءة في التحولات التاريخية والسياسية.     
   الجامعة المغربية والدبلوماسية الأكاديمية: أدوار جديدة في خدمة القضايا الوطنية.    
   الروابط المغربية الإفريقية: تاريخ متجذر وآفاق تنموية واعدة.                                   
    الصحراء المغربية في الخطب الملكية: من العمق الترابي إلى الامتداد الإفريقي.        

في كل حلقة من سلسلة “#ضيوف _Weekend_مع_خلدون، نفتح نافذة جديدة على مسارات متميزة لكفاءات مغربية تركت بصمتها داخل الوطن وخارجه. وفي هذا الموعد المتجدد، نستضيف شخصية أكاديمية مرموقة، أثبتت حضورها العلمي في واحد من أعقد الملفات وأعمقها تاريخياً، ونعني به ملف الصحراء المغربية، من بوابة البحث الأكاديمي الرصين والتأطير التربوي النوعي.

ضيفتنا لهذا الأسبوع هي الأستاذة الدكتورة ماجدة كريمي، أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، ومديرة مختبر المغرب: التاريخ والعلوم الشرعية واللغات. باحثة راكمت تجربة علمية طويلة، متخصصة في تاريخ العلاقات المغربية الإفريقية والقضايا الاستراتيجية المرتبطة بالصحراء المغربية.

منذ أطروحتها الأولى حول التجارة بين المغرب وبلاد السودان في العصر المريني، انطلقت شرارة البحث التي ستقودها نحو الغوص في الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعلاقات المغربية الإفريقية، مروراً بأدوار الصحراء كمجال استراتيجي، وانتهاءً برؤية دقيقة لتحولات الملف في ضوء الاعترافات الدولية المتتالية.

في هذا الحوار الخاص، نستعرض معها محطات بارزة من مسيرتها الأكاديمية، ونقف على دور الجامعة المغربية في تعزيز الدبلوماسية الأكاديمية، ونحلل معها الأبعاد الإفريقية لتنمية الأقاليم الجنوبية في ظل الحكم الذاتي.

هي قراءة فكرية متبصرة في الذاكرة، والراهن، والمستقبل… من باحثة نذرت مسارها لخدمة القضايا الوطنية الكبرى بعمق علمي وحس وطني عالٍ.

حوار بوشعيب خلدون مع الباحثة والأستاذة الدكتورة ماجدة كريمي ومديرة مختبر «المغرب: التاريخ والعلوم الشرعية واللغات»

قبل البدء كلمة شكر من ضيفة الحلقة :

ونحن في جلسة فكرية بنكهة قضية وطنية تشغل بال كل المغاربة ، لا يسعني الا أن أتقدم بالشكر الجزيل للفنان المقتدر ذ. بوشعيب خلدون على هذه الاستضافة ، فقد عودنا من خلال هذا البرنامج على وضع الأصبع على أهم القضايا بتنوع تخصصاتها و التي يساهم المثقف و المفكر المغربي في تفكيكها وتحليلها و الإفادة بخصوصها انطلاقا من التجارب  التي راكمها.

وحيث أننا نعيش خلال هذه الفترة من شهر أبريل  تطورات تشهد على مرحلة مفصلية يعرفها ملف الصحراء المغربية  بمجلس الأمن، لا تفوتني فرصة تهنئة صاحب البرنامج  على مواكبة هذا الحدث انطلاقا من زاوية  تجمع بين المقاربة الأكاديمية  و السياق السياسي المطلوب .

كيف رسم بحث دبلوم الدراسات العليا معالم اهتمامي بتاريخ العلاقات المغربية الافريقية ؟

لقد كان لتخصصي في الحقل التاريخي و بالذات في تاريخ العلاقات المغربية الافريقية  منذ أن ناقشت رسالتي التي سلطت الضوء على العلاقات التجارية بين المغرب و بلاد السودان  على عهد المرينيين سنة 1988، الدور في انطلاق الشرارة الأولى التي حركت حس التنقيب العلمي المحض عن دور المجال الصحراوي في هذه الروابط .

وبعد المناقشة ازداد هوسي أكثر بتنمية مداركي عن اسهامات هذا المجال ، الأمر الذي جعلني أختار موضوع أطروحتي التي حصلت بها على الدكتوراه سنة 1995  و التي أبرزت أن الدور التجاري لا يشكل الا زاوية من زوايا الأدوار المتعددة التي يضطلع بها هذا المجال الصحراوي مما جر عليه وبال الأطماع الاستعمارية محاولة اقتطاعه من وطنه الأم .

ولعل تخصصي في نهايات العصر الوسيط و بدايات العصر الحديث ، جعلتني أدرك خبايا الصحراء المغربية كملف سياسي و الذي لا يمكننا حصره في ما شهده من تواجد اسباني  فعلي بأقاليمنا الصحراوية خلال القرن 19 ، بل وبتأصيل لهذه الأطماع ؤكد على أنه تم التقعيد لذلك منذ أواخر القرن 8ه / أواخر القرن 14م و بداية القرن 9ه / بداية القرن 15م .

تطور البحث العلمي في الجامعات المغربية ، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الوطنية ذات البعد التاريخي و السياسي كالصحراء المغربية .

تجربة ترأسي  لسلك دبلوم الدراسات العليا ( ما عرف لاحقا بالماستر )  سنة 2003   وقد  تخرج منه فوجين ثم  ترأسي سلك الدكتوراه سنة 2005 و تخرج منه كذلك فوجين  ثم ترأسي لمختبر البحث للطلبة الدكاترة من 2020 الى نهاية 2024  و قد تم تسجيل أربعة أفواج و العديد من الطلبة ناقشوا أطروحاتهم و البعض الآخر في الطريق ، هذا الى جانب تدريسي لمواد بسلك الاجازة و تأطير بحوث التخرج ،

تجربة  طويلة الأمد أبانت  على أن تطور البحث العلمي فيما يخص القضايا الوطنية الكبرى و على رأسها ملف الصحراء المغربية  يتباين من مؤسسة الى أخرى .

فاذا كانت كليات الحقوق بما تتميز به من تخصصات من قبيل العلوم السياسية و القانونية ، كانت سباقة لكي يتناول الأساتذة بها بالبحث و التدريس و التأطير  هذه القضايا ، فان  اسهامات كليات الآداب  ظلت محتشمة الى حدود فترة قريبة ، بل و يمكنني القول أنها تبقى مبادرات فردية و شخصية يتحمل مسؤوليتها بعض الأساتذة و خاصة ذوي تخصص التاريخ لما يرون في المقاربة التاريخية من رافعة علمية رصينة تدعم ملف الصحراء المغربية فيما يعرف بالدبلوماسية الأكاديمية للترافع عن مغربية الصحراء .

التحول النوعي  الذي يعرفه ملف الصحراء المغربية في ضوء الاعترافات الدولية المتتالية و فتح قنصليات أجنبية بمدينتي العيون و الداخلة ،مع قراءة في المستجدات الأخيرة لملف الصحراء المغربية بعد تصريحات السفير عمر هلال  وفخامة رءيس الولايات المتحدة الأمريكية السيد ترامب ؟

بعد حصيلة سنوات من اشتغال الدبلوماسية المغربية على هذا الملف و التي توجت بنجاح كاسح ترجمه كل من :

اعتراف اسبانيا و اعتراف  فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب و الذي تأكد أكثر بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة  و كذا اعتراف العديد من الدول الأوربية الوازنة و الكثير من الدول الافريقية و العربية التي فتحت قنصليات لها في كل من مدينتي العيون و الداخلة الصحراويتين المغربيتين و قريبا اعتراف الصين خاصة بعد الزيارة الأخيرة لرئيسها الى المغرب .

اعتراف فرنسا و هي عضو دائم بمجلس الأمن و فاعل مؤثر في الساحة الدولية بسيادة المملكة المغربية على كامل تراب الأقاليم الصحراوية و دعمها لمبادرة الحكم الذاتي بهذه الأقاليم في اطار الوحدة الترابية المغربية: هذا الاعتراف الذي تم تنزيله على أرض الواقع من خلال زيارة رسمية لفخامة رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون  للمغرب و ما واكبها من خطاب صريح بهذا الصدد في قبة البرلمان المغربي ، بل وما ترجم  أهدافها من توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة التي تهم بالدرجة الأولى الاستثمارات بهذه الأقاليم

بعد هذه الحصيلة الهامة ، كل المغاربة  يستبشرون تطورا إيجابيا لهذا الملف وفق ما تقدم به المغرب من مقترح.

وهنا لابد أن تعود بنا الذاكرة الى لقاء برلين  في شتنبر 2000 بعد قرار مجلس الأمن رقم

1309  في يوليوز من نفس السنة و الذي دعا فيه الى وقف عملية الاستفتاء و تبني حل تفاوضي ، اثر اعلان الأمم المتحدة استحالة اجراء استفتاء في الصحراء و ضرورة البحث عن حل سياسي متفاوض حوله.

بالفعل ، فقد أعلن المغرب  اثر ذلك عن استعداده لحل سياسي متفاوض حوله ، بل واتخذ قرارا سياديا هاما و بشكل رسمي في أبريل 2004 ، و قدم للأمين العام مذكرة مفادها أن فكرة الاستفتاء باتت متجاوزة و أنه بصدد انجاز مقترح لحل النزاع المفتعل .

وتزامنا مع ذلك دخل المغرب ما بين 2004 2006 على الصعيد الوطني في تجربة هيئة الانصاف و المصالحة حيث كانت الأقاليم الجنوبية حاضرة في تصور مجتمع مغربي متراص بكل أبنائه و منهم سكان الصحراء المغربية .

اذن يتضح لنا جليا أن المغرب ركز منذ سنة 2000 على إيجاد أرضية قبول للمقترح الذي سيتقدم به في سنة  2007 وهو مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية ، و ذلك على الصعيد الوطني ،  مع التركيز على أن يبقى الملف لدى الأمم المتحدة و الدفاع عنه بمجلس الأمن نظرا للمكانة  الوازنة التي يحتلها ضمن الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة ، اذ له سلطات واسعة في سياق تمكينه من تحقيق السلم و الأمن الدوليين.ولهذا لقي المقترح المغربي استحسانا ضمن القرارات الصادرة عن المجلس حيث ثمنه و أقر بموضوعيته و فاعليته وجديته.

والآن وبعد أن مرت 25 سنة على إقرار مجلس الأمن بضرورة   اختيار مسار جديد لإيجاد حل  لملف الصحراء المغربية، وبعد أن مرت  18 سنة  على  تفعيل ذلك من طرف المغرب من خلال الجهود المكثفة  على المستوى الرسمي سواء على يد الدبلوماسية الملكية أو الحكومية ، لا يمكننا الا أن نستشرف نهاية قريبة تنهي حلقات صراع مفتعل دام 50 سنة  بتنزيل مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب .

ما هي الأبعاد الإفريقية لتنمية الأقاليم الصحراوية في ظل الحكم الذاتي ؟

تحضرنا هنا محطات تاريخية مهمة :

سنة 2015 : ألقي الخطاب  الملكي السامي الخاص بذكرى المسيرة الخضراء من مدينة العيون حيث أعطى جلالة الملك محمد السادس  أيده الله الشارة الخضراء لانطلاق مسيرة تنموية بهذه الأقاليم في ظل الجهوية المتقدمة .

سنة 2016 : ألقى جلالته  خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء من مدينة  دكار عاصمة السنغال  ، و هو الأمر الذي يحمل عدة دلالات و هي كالتالي :

إشارة قوية على أن تنمية الأقاليم الصحراوية المغربية ستنعكس إيجابا على تنمية دول غرب افريقيا .

تقعيد لما أعلن عنه المغرب لاحقا بخصوص المبادرة الملكية الأطلسية .

سنة 2017 : عودة المغرب الى بيته الافريقي بانضمامه الى الاتحاد الافريقي ، و هو حدث تاريخي  بامتياز ذلك أن المبادرة التي تقدم بها المغرب لحل المشكل المفتعل بالصحراء المغربية شهد منعطفا هاما على المستوى الافريقي ، اذ ظهر تحول دولي نحو الانتصار لها و ذلك بإشادة العديد من الدول الافريقية بها .

سنة 2018: تم الإعلان في قمة الاتحاد الافريقي بنواكشوط عاصمة الجمهورية الإسلامية الموريتانية   بحصرية الأمم المتحدة في معالجة النزاع الإقليمي حول الصحراء .

من جراء كل ما ورد بهذه المحطات المذكورة آنفا، تزايد  اثر ذلك الزخم الدولي لدعم مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية كحل سياسي وحيد ، خاصة و أنه في الخطاب الملكي السامي في الجلسة الختامية للقمة الافريقية تم التأكيد على أن المغرب لم يأت بحثا عن الزعامة ، بل جاء من أجل  المساهمة في خلق افريقيا الجديدة و أنه سيقوم بدور ريادي كقطب من أقطاب النمو الاقتصادي في القارة .

ومن ثم نعتبر  الاستثمارات في الأقاليم الصحراوية في ظل تطبيق الحكم الذاتي ، حكامة اقتصادية بأبعاد افريقية ، كيف ذلك؟..

ونحن نتحدث عن مفتاح الاندماج الاقتصادي الافريقي على المستوى العالمي نستحضر أن  المغرب يحتل  المرتبة الثانية كبلد مستثمر بالقارة الافريقية ، و هو يسعى جاهدا ليحتل المرتبة الأولى خاصة اذا تم تفعيل مشروع خط أنبوب الغاز مع نجيريا و الذي ستنخرط فيه 11 دولة  ( بنين توغو غانا كوت ديفوار لبيريا سيراليون غينيا غينيا بيساو غامبيا السنغال موريتانيا ) على امتداد مسافة يبلغ طولها 7000 كيلومتر  و هو ما يعد أطول خط أنبوب بحري في العالم فهو المشروع الذي سيوفر مادة الغاز الحيوية لجميع دول غرب افريقيا و كذا موريتانيا و المغرب مغطيا احتياجاتها المحلية.

هذا و المغرب سيقوم بدور الوسيط مع كل من دول الاتحاد الأوربي و مع الولايات المتحدة الأمريكية علما أن هذا الدور سيتطور أكثر بعد أن تتقوى مساهمة الأقاليم الصحراوية المغربية في إنجاح هذا المشروع على اعتبار أنها تمثل قطبا استثماريا دوليا منفتحا على العمق الافريقي برا و بحرا ، بل و عوالم أخرى عبر المحيط الأطلسي .

ماذا عن  التحولات الكبرى التي تعرفها العلاقات المغربية الموريتانية خاصة في ضوء  انجاز طريق السمارة موريتانيا  و  ماذا عن الأدوار الهامة التي ستلعبها الصحراء المغربية في توطيد هذه العلاقات  بل و إعادة رسم خريطة اقتصادية  افريقية ؟

إن انطلاق مشاريع اقتصادية عملاقة بالجهات الثلاث للصحراء المغربية : جهة كلميم واد نون / جهة العيون الساقية الحمراء / جهة الداخلة واد الذهب، و هي تتراوح بين رأس مال وطني و رأس مال أجنبي، هو  بمثابة :

اعلان صريح  عن قدرتها على جلب الرساميل للاستثمار مستقبلا في مسار تصاعدي خاصة بعد انتهاء  أشغال الطريق المزدوج تزنيت الداخلة و الذي من شأنه فتحها على باقي التراب المغربي شمالا و فتحها على العمق الافريقي .

و هو استعادة للأدوار التي لعبتها  الصحراء المغربية تاريخيا ، اذ حرص المغرب  طيلة القرن 20 و خلال القرن 21 بحكم موقعه الجغرافي الذي يجعل منه بوابة افريقيا على العالم الخارجي عبر البحر الأبيض المتوسط و المحيط الأطلسي أن يعمل على تقوية مكانة القارة الافريقية  اقتصاديا على المستوى الدولي  .

وعليه، نجد أن  المغرب تقدم  لأقرب جار افريقي و هي الجمهورية الإسلامية الموريتانية بدعوة بخصوص  الانضمام للمبادرة الأطلسية على هامش أشغال منتدى روسيا العالم العربي الذي انعقد بمراكش 20 دجنبر 2023  خاصة و المعاملات بين البلدين عرفت ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة ، على اعتبار أن المغرب يعد أول مزود لها باحتياجاتها عبر المعبر الحدودي الكركرات .     

هذا ، و لا ننسى الإشارة الى أن هذه المبادرة تشكل فرصة مثالية لموريتانيا  لأنها لا تتوفر على ميناء بمياه عميقة  : فمقارنة بين ميناء نواديبو يعتبر ميناء الداخلة الأطلسي كأقرب بنية مرفئية اليها  ،المؤهل  الأفضل  للانفتاح تجاريا على عوالم أخرى عبر المحيط الأطلسي .

فكيف نقرأ الاستجابة الموريتانية ؟

انها رؤية استراتيجية تستحضر التطورات الإقليمية  و كذلك الدولية ذلك أن تراجع شروط أمن الملاحة شرقا عبر المحيط الهندي يرفع من فرص ترجيح كفة المحيط الأطلسي في تأمين المبادلات بين الصين افريقيا أمريكا اللاتينية، و هي كذلك ضرورة أمنية اعتبارا لخطر زحف خلايا الإرهاب المنبعثة من بين ثنايا دول الساحل في اتجاه المحيط .

وهذا الموقف ينطوي على مصالح اقتصادية لأن المبادرة الأطلسية ستوفر لموريتانيا فرص أكبر و أهم لتسويق احتياطها من الغاز الطبيعي  و كذلك احتمال استفادتها من لوجستيك أنبوب الغاز المغربي النجيري .

لقد وعت نواكشوط أنه عبر هذه المبادرة ستساهم في تأسيس هوية أفروأطلنتية  عبر شريط أطلسي يظم 23 دولة افريقية في شمالها المغرب و جنوبها جنوب افريقيا و هو شريط يحتضن  % 46  من ساكنة القارة ، و يؤمن  %55   من ناتجها الخام  خاصة بعد تقوية البنية التحتية لميناء الداخلة الأطلسي و الذي يتوقع أن يكون ميناء مركزيا بالنظر الى موقعه الاستراتيجي ، قادرا على تجميع و تصريف الإمكانات الاقتصادية لهذه البلدان ، و في مقدمتها موريتانيا.

والحق أن فتح الطريق البري : السمارة أمكالة  بالموازاة للانفتاح على المحيط الأطلسي

سيلعب دورا محوريا في توطيد العلاقات بين المغرب و موريتانيا   بشكل أقوى ، على اعتبار أن السمارة تعتبر من بين أقرب الأماكن المغربية الجنوبية قربا من موريتانيا و كذلك مالي  ، نظرا لضعف تكلفة التنقل عبره .

كيف تقرئين عودة  المغرب  الى البيت الافريقي سنة 2017  و ما هي  المقترحات الاقتصادية التي يقدمها على المستوى القاري؟ 

ـ ان عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 تعتبر بداية  تعويض مشروع الاتحاد المغاربي الذي حمل شروط الاخفاق منذ ولادته ، خاصة و أن  معاداة  الجزائر للمغرب كان من أقوى العوامل المحبطة لإنجاح هذا المبتغى .

وكانت المشاريع الاقتصادية الكبرى للمغرب في عدد من دول القارة الإفريقية أحد العوامل الهامة التي مهدت الطريق لعودته إلى بيته الإفريقي، فبعد أن انخرط في كل ما له علاقة بالتنمية البشرية، حاول المغرب أن يصل إشعاع هذه التنمية إلى الدول المجاورة عن طريق علاقات اقتصادية متينة. وحيث أنه من أهم قناعاته أن القارة الإفريقية قادرة على تحقيق تنمية ذاتية اعتمادا على مواردها دون انتظار دعم الغرب بل بتعامل متكافئ معه ، فقد عمل على تنويع علاقاته قاريا إذ بات يعتبر ثاني مستثمر بالقارة خاصة وأنه يلعب دور الوسيط بين إفريقيا وأوروبا ناهيك عن وساطته مع الولايات المتحدة الأمريكية و دول الخليج، وعليه سوف يحقق لإفريقيا التواصل مع العالم من بوابة خبراته الاقتصادية.

فنعلم جميعا أنه منذ مطلع الألفية الثالثة حيث أن القارة الافريقية باتت تشغل مكانة مهمة في قلب اهتمامات القوى الاقتصادية الكبرى ، لذا  أصبح لزاما عليها  البحث عن سبل التعامل مع مختلف تلك القوى بما يخدم مصالح كل الأطراف بمبدأ رابح رابح  و ذلك بما يتماشى و تحديات القرن 21.

و للإشارة ، فقد تأكد انخراط المغرب  في العمل على إنجاح هذ ه الاستراتيجية بالإعلان عن  مشروع المبادرة الأطلسية  في اشارة الى ذلك في خطاب ملكي سامي بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء ، حيث اعتبر جلالته  هذه المبادرة منصة جديدة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي للمملكة على الواجهة الأطلسية و فرصة للدول  الافريقية المنخرطة فيها للانعتاق من وضعية العزلة الإقليمية .

فانطلاقا من مضامين هذا الخطاب ، نستشف  اشارات  قوية الى ما تضطلع به الأقاليم الصحراوية المغربية بفرص استثمار مثالية لدعم  هذه المبادرة ، بالنظر الى إمكاناتها الاقتصادية الواعدة من موارد سمكية و معدنية و طاقية، ناهيك عن قدراتها الفلاحية و السياحية  على أساس أن تستفيد من ذلك بلدان الساحل الواقعة جنوبها .

حضور المغرب العلمي في افريقيا  هل مازال قادرا على لعب دور أكاديمي و ريادي داخل القارة ؟

ـ في خضم الدينامية التي عرفتها التحولات العالمية انطلاقا من سبعينات و ثمانينات القرن الماضي ، انتهج المغرب مع العديد من الدول الافريقية  دبلوماسية تضامنية على جميع الأصعدة و لعل المجال العلمي و الثقافي بشكل عام  يبقى أحد ركائزها ، بل و هذه الدبلوماسية التضامنية  تأكدت  دستوريا منذ سنة 1962 مرورا بدساتير 1965- 1970 1972- 1975- 1996 ووصولا إلى دستور 2011 في الفترة الراهنة ، ذلك أن كل الدساتير تقر على أن المملكة المغربية بصفتها دولة إفريقية تجعل من بين أهدافها تحقيق الوحدة الإفريقية ، فيبقى  بذلك الانتماء الإفريقي للمغرب تابتا من ثوابت المملكة .

واذا كان المغرب و لا يزال يعتبر البلد الثاني للعديد من الطلبة الأفارقة الذين التحقوا بالجامعات المغربية و حصلوا منها على الشواهد العليا ، و اذا كان و لا يزال ملاذا علميا لعلماء و فقهاء  مختلف الدول الافريقية الشقيقة و ذلك منذ عهد المغفور له الحسن الثاني  ( الدروس الحسنية رابطة علماء السنغال …) الى حدود العهد الجديد ( مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة معهد  محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين و المرشدات ….) ، فهو يشجع بالموازاة لذلك أن تساهم أطره العلمية من مختلف التخصصات في افادة أشقائه الأفارقة بالخبرة التي راكمها في هذا المجال .

و عليه، أرى أن  ما يمكننا تسميته بالحكامة الثقافية  تستدعي تعميق هذه الروابط و إرساء جسور ثقافية جديدة لتوطيدها أكثر حتى يفوز بريادة أكاديمية مستحقة .

و لعل تجربتي بالتدريس في جامعات افريقية ، أبانت لي عن مدى فاعلية  و نجاعة هذا المنحى الثقافي لخدمة الحضور المغربي  على المستوى القاري .

كيف يمكن للتكوين الجامعي تأهيل جيل من الباحثين الشباب قادر على الترافع العلمي الأكاديمي عن مغربية الصحراء ؟

ـ نعلم جميعا أن ما كتب من أبحاث بشأن التاريخ السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و الروحي و الثقافي للصحراء المغربية في مختلف المحطات الزمنية ( تاريخ وسيط حديث معاصر و راهن ) لا يشفي الغليل مقارنة مع ما تتطلبه  هذه الأقاليم من عناية علمية رصينة ،  خاصة حينما تكون بمستوى أبحاث الماستر و أبحاث الدكتوراه ، و ذلك من مختلف الحقول المعرفية .

و عليه يبقى الفضاء الجامعي ، الفضاء المؤهل للقيام بهذه الوظيفة في اطار ما يعرف بالدبلوماسية الأكاديمية لخدمة القضايا الوطنية الكبرى . فتعبئة الطلبة الباحثين و تحفيزهم على الانخراط في التعريف العلمي الأكاديمي بكل ما يتعلق بالصحراء المغربية ماضيا و حاليا و مستقبلا  ، يبقى مطلبا ملحا في ضوء موجات التصعيد التي تفصح عنها الجهات المعادية لوحدتنا الترابية .

و هنا و بحكم أن اشرافي على أطروحات جامعية كان موجها بشكل خاص لتأطير أبنائنا بالأقاليم الصحراوية المغربية  ، بل و توجيه طلبة من تخصصات أخرى و بأساتذة مشرفين آخرين  و ذلك على مدار  ما يفوق العشريتين بدءا من سنة  2000الى حدود اليوم أظن أنني تمكنت من المساهمة في ظهور العديد من الأعمال العلمية التي تقدم دراسات تخدم المؤسسات التي تهتم بهذا الملف ، خاصة بعد اخراج العديد من الوثائق الهامة التي تخص الصحراء المغربية الى النور اذ أن شباب هذه الأقاليم لهم الامكانية للقيام بذلك بحكم انتمائهم الى قبائل لها رصيد وثائقي كبير .

كما أظن أنني ساهمت في تكوين أطر قادرة على التقعيد لتنمية ثقافية بأقاليمنا الصحراوية ، علما أن القطاع الثقافي يعتبر من الركائز الأساسية لكل تنمية .

#ماجدة_كريمي
#Weekend_مع_خلدون
#الصحراء_المغربية
#الدبلوماسية_الأكاديمية
#العلاقات_المغربية_الإفريقية
#الحكم_الذاتي
#التنمية_بالأقاليم_الجنوبية
#المغرب_في_إفريقيا
#المقاربة_التاريخية
#الهوية_الوطنية
#الجامعة_المغربية
#البحث_العلمي
#ملف_الصحراء
#اعترافات_دولية
#الدبلوماسية_الملكية
#مغربية_الصحراء
#الجهوية_الموسعة
#الترافع_الأكاديمي
#مختبر_التاريخ_واللغات
#عقول_مغربية

مستجدات
error: جريدة أرت بريس