.

ضيوف_Weekend_مع_خلدون : محمد شخمان..الثقافة بوابة النهضة والمثقف صمام أمان في زمن الأزمات ومهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي يهدف إلى إشاعة قيم الجمال والحوار والتنوع

Voice recorder banner. Mobile technologies for recording sound, dictate messages and speech. Vector landing page of dictaphone with isometric illustration of microphone, smartphone and woman
Voice recorder banner. Mobile technologies for recording sound, dictate messages and speech. Vector landing page of dictaphone with isometric illustration of microphone, smartphone and woman

   حين يصبح الفن مقاومة: محمد شخمان يتحدث عن الثقافة كحق إنساني ونهضوي  

   شخمان: المغرب بوابة أفريقيا والمنصة المثالية لصياغة أفق ثقافي جديد.            

   محمد شخمان: نريد ثقافة تنهض بالشعوب لا مواسم تكرّس الفلكلور.                  

   الحق في الثقافة هو الأساس.. وعلينا إشراك الجميع في النهضة الرمزية.            

في حلقة جديدة من سلسلة “#ضيوف_Weekend_مع_خلدون”، نلتقي اليوم بشخصية مغربية فاعلة ومتعددة الأبعاد، رجل جمع بين الكتابة والإعلام والنشاط الحقوقي، وارتبط اسمه بقضايا الطفولة والثقافة والتنمية، إنه محمد شخمان، رئيس المركز المغربي للثقافة والإبداع، ومدير مهرجانات وطنية ودولية تعكس روح الانفتاح والتلاقح الحضاري بين الشعوب.

في هذا اللقاء، نتحدث عن مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي، في دورته الثالثة، الذي يشرف عليه المركز المغربي للثقافة والإبداع بشراكة مع مؤسسة الجميع للثقافة، وبتنسيق مع وزارة الثقافة المغربية. مهرجان يهدف إلى إشاعة قيم الجمال والحوار والتنوع، ويجمع مثقفين وكتابًا من القارات الخمس، في مشهد ثقافي عربي بروح عالمية.

يرى محمد شخمان أن الثقافة ليست ترفًا، بل حقًا إنسانيًا فرديًا وجماعيًا، وأن النهوض بأي مجتمع يبدأ من الاستثمار في رأسماله الرمزي، أي في المثقفين والفنانين وأصحاب الفكر الحر. كما يتحدث عن ضرورة خلق سوق ثقافية حقيقية، توازي الاهتمام بالبنيات التحتية، حتى لا تبقى النهضة محصورة في الإسمنت دون الروح.

في هذا الحوار نغوص أيضًا في رؤيته حول دور المثقف العربي، وموقع المغرب كجسر بين أفريقيا والعالم، وقضايا الشباب والفن وحقوق الإنسان، في حديث صريح ومسؤول يعكس عمق التجربة واتساع الأفق.

حوار بوشعيب خلدون مع الكاتب والإعلامي والحقوقي محمد شخمان رئيس المركز المغربي للثقافة والإبداع

1. بداية، كيف تعرّفون مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي، وما الذي يميّز دورته المغربية عن الدورات السابقة؟
مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي في دورته الثالثة، الذي ينظمه المركز المغربي للثقافة والإبداع بشراكة مع مؤسسة الجميع للثقافة وبتنسيق مع وزارة الثقافة والشباب والتواصل، هو فضاء للمحبة والسلام والتعارف وتبادل الخبرات بين المثقفين في الوطن العربي وعبر العالم.
وهو أيضاً منصة للاحتفاء بالثقافة والمثقفين وإشاعة قيم الرقي والجمال والإبداع.
أما بالنسبة لدورة المغرب، فستكون لها طابع خاص، باعتبار أن المغرب ملتقى الحضارات بين المشرق والمغرب، وبين إفريقيا وأوروبا. كما يشهد المهرجان حضوراً إفريقياً بارزاً، مما يجعل دورة المغرب نافذة يتنفس من خلالها العالم العربي وإفريقيا عبق الخصوصية المغربية، ثقافةً وحضارةً وطعاماً.

2. ما الأهداف الكبرى التي يسعى المهرجان إلى تحقيقها على المستوى العربي والدولي؟ وهل تراهنون على أن تكون هذه الدورة فرصة لإنتاج مخرجات ثقافية نوعية تخدم الثقافة العربية؟
الهدف الأساسي للمهرجان هو إبراز كل ما هو إيجابي في الوطن العربي، في تفاعل تام مع المشترك والمتاح ثقافياً وفنياً على المستوى الدولي.
فالوطن العربي ليس مجرد رزنامة من المشاكل والنزاعات السياسية، بل له تاريخ حضاري كبير، وله إسهامات مهمة في الحضارة والثقافة العالمية، سواء في الماضي أو الحاضر.
ومهمة المثقف هي إطفاء حرائق السياسة وبثّ الأمل في النخب كي تنهض بشعوبنا، إذ لا توجد نهضة حضارية بدون ثقافة وبدون مثقفين.
ومهرجان الوطن العربي هو بمثابة بذرة أمل نحو مستقبل حضاري وثقافي واعد للمنطقة.

3. هل يمكن أن تطلعونا على أبرز محاور برنامج هذه الدورة، والفئات أو الفنون التي ستشملها؟
المادة الرئيسية بالمهرجان هي الشعر والأدب، لكن برنامج الدورة متنوع ومتميّز، يشمل الموسيقى والغناء، والتراث، والفن التشكيلي، والصناعة التقليدية.
كما يتضمن البرنامج زيارة عدد من المعالم التاريخية بعدد من المدن المغربية، لأن المهرجان يمتد لسبعة أيام ويتنقل بين الدار البيضاء، الرباط، سلا، مكناس، والقنيطرة.
بالتالي، هو مهرجان يشهد على المجال الجغرافي والثقافي في آن واحد.

4. ما نسبة المشاركة المتوقعة من الدول العربية والدولية؟ وهل هناك حضور خاص لوجوه ثقافية أو فنية معروفة؟
إدارة المهرجان وجهت دعوات إلى مثقفين وشعراء وكتّاب وفنانين من مختلف الدول العربية، وإلى فاعلين ثقافيين من أوروبا، أستراليا، كندا، وإفريقيا.
سيحضر المهرجان قامات ثقافية كبرى ذات إشعاع عربي ودولي، كما سيشارك وفد رفيع المستوى من وزارة الثقافة العراقية.
نتمنى فقط ألا تكون مشاكل التأشيرات عائقاً أمام حضور بعض الأسماء الوازنة.
المؤكد أن المهرجان سيستقبل مشاركين من 23 بلداً، منهم حوالي 60 مشاركاً من خارج المغرب.
وقد تم تقليص عدد المشاركين إلى الحد الأدنى نظراً لإمكانياتنا المنعدمة، ونلتمس من وزارة الثقافة دعماً لهذا المهرجان، ومطالبنا في هذا الشأن تبقى في حدودها الدنيا.

5. أنتم فاعلون في الحقل الحقوقي والإبداعي على حد سواء، كيف ترون العلاقة بين الثقافة وحقوق الإنسان في سياق هذا النوع من المهرجانات؟
الثقافة هي الأساس بعد الحق في الحياة، وعليها تُبنى باقي الحقوق.
الإنسان هو كيان وهوية ولغة وخيارات حياتية، وكل ذلك يدخل ضمن حقوق الإنسان.
والمهرجانات والمؤتمرات والتظاهرات الثقافية تندرج ضمن الحقوق الثقافية، وهي حقوق فردية وجماعية في آن واحد.
والتنمية الثقافية هي أساس التنمية المجتمعية، ومنها تنبثق النهضة الحضارية.

6. من الثقافة إلى الرياضة، كيف تنظرون إلى احتضان المغرب لكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030؟ وما هو في نظركم الدور المنوط بالمثقف والفنان لمواكبة هذه الأحداث الكبرى؟
الرياضة صحة بدنية ونفسية وعقلية، وكلما انخرط الأطفال والشباب في الرياضة، ابتعدوا عن المخدرات والانحراف.
منذ أحداث 16 ماي 2003، بدأ المغرب في سنّ سياسات تعتني بالشباب إلى حدّ ما، من بينها ملاعب القرب، وهي سياسة راشدة.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح هناك اهتمام كبير بالرياضة، خصوصاً كرة القدم، وهذا أفرز نتائج جيدة وإشعاعاً قوياً للمغرب.
التوجه المغربي نحو إفريقيا، سياسياً واقتصادياً وكروياً، جعل من المغرب بوابة القارة ومركز إشعاع قاري.
واحتضانه لكأس إفريقيا وكأس العالم يضعه أمام أجندة ضخمة لتأهيل البنية التحتية، ما سينعكس على الاقتصاد والسياحة.
لكن لا بدّ من الانتباه للفئات المهمشة التي يجب أن تستفيد من هذا النمو.

7. هل ترون أن الدولة قد أعدّت العدّة على المستوى الثقافي والبشري لاستقبال مثل هذه التظاهرات العالمية؟ وما مسؤوليتكم كأطر ومؤسسات ثقافية في هذه النهضة؟
ـ أرى أن المغرب يسير بسرعتين مختلفتين.
فعلى مستوى البنية التحتية وتأهيل المدن، هناك سرعة قصوى، ويصاحب ذلك استقطاب شركات عابرة للقارات، ما يُحدث تطوراً اقتصادياً وسياحياً.
لكن على المستوى الثقافي، هناك بطء واضح، إذ لا تزال اختيارات الدولة حبيسة ثقافة فولكلورية وموسمية، على حساب الثقافة الجادة والمثقفين الحقيقيين.
وبالتالي، فهناك استعداد بنيوي لاستقبال التظاهرات، لكن الاستعداد الثقافي ضعيف.
أما النخب الثقافية، فدورها محوري في كل توجه نهضوي، وأي نهضة تهتم فقط بالرأسمال المادي وتهمل الرمزي، تبقى معرضة للنكوص.
ومع ذلك، يجب التنويه بمجهودات وزارة الثقافة والحكومة في تأهيل عدد من المواقع التاريخية والمتاحف.
لكن الطريق لا يزال طويلاً أمام بلدنا في هذا الجانب.

8. في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، كيف ترون دمج الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الثقافية والفنية؟ وهل حان الوقت لإعادة النظر في مناهج تدريس الفنون والتكوين الإعلامي؟

ـ الذكاء الاصطناعي أصبح واقعاً لا يمكن تجاهله، وهو يفرض تحوّلات عميقة في كل القطاعات، ومنها الثقافة والفن.
اليوم، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في توثيق التراث، وفي الأرشفة الرقمية، وإنتاج أعمال فنية جديدة، وحتى في الترجمة والتفاعل مع الجمهور.
لكنه أيضاً يطرح تحديات مرتبطة بالأصالة، وحقوق المؤلف، ومكانة الفنان والإنسان وسط هذا التحول.
لذلك، أرى أن دمج الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الثقافية يجب أن يتم بعقلانية، عبر تكوين الموارد البشرية، وتأطير استخدام هذه التكنولوجيا بما يخدم الإبداع لا يختزله.
كما أن الوقت قد حان فعلاً لإعادة النظر في مناهج تدريس الفنون والإعلام، حتى تكون منفتحة على الرقمنة والذكاء الاصطناعي، دون أن تفقد ارتباطها بالقيم الإنسانية والإبداعية التي تميز الثقافة الحقيقية.

9. ما هي رسالتكم للشباب المغربي والعربي الراغب في احتراف الفن أو العمل في المجال الثقافي، في ظل الإكراهات المرتبطة بشحّ سوق الفن؟
ـ الفن هو الحياة، والشباب الذي يؤمن بالفن يؤمن بالحياة، ويعادي العنف والظلامية، ويدعو إلى التنوير.
على الشباب المؤمن بالثقافة والفن أن يُصر على إيمانه، ويعمل على تطوير ذاته بالموازاة مع تملّك العلم والمعرفة.
ومن واجب الدولة دعم الثقافة، وخلق سوق ثقافية مزدهرة، تسمح بتنمية المواهب وتأهيل الشباب، من أجل إشعاع بلدنا ونشر ثقافتنا وخصوصياتنا والعبقرية المغربية.

10. أخيرا، أنتم باحث وحقوقي وإعلامي وكاتب، كيف توفّقون بين هذه المسارات؟ وما الذي يحفّزكم على الاستمرار في الدفاع عن قضايا الثقافة والإبداع في زمن التحديات؟
ـ صحيح أنني أشتغل في مجالات متعددة، لكن الخيط الناظم بين كل اهتماماتي هو الحقوق الثقافية للمواطن المغربي والعربي.
أنا لست كاتباً محترفاً، أقرأ كثيراً، أتحرك كثيراً، وأكتب أحياناً، لكنني لا أنشر كثيراً.
ما يحفزني هو انخراطي منذ الصغر في قضايا الوطن الكبرى: الهوية، الثقافة، والحقوق.
وأظن أن الدفاع عنها فرض عين على كل فاعل قادر على العطاء لمجتمعه.

مستجدات
error: جريدة أرت بريس