.

من وحي المسافات (2) : ركام الحنين.. وابتسامة الأمل الخجولة

من وحي المسافات (2) : ركام الحنين.. وابتسامة الأمل الخجولة
  • بقلم : كريمة نور عيساوي

في حضن الريح أجد ضالتي المنشودة عندما تمتد يد الهواجس لمصافحة يد عضها الزمن.
لا شيء يملأ فراغ المكان إلا قهقهات الخذلان وابتسامة خجولة تُرسم على محيا سعف الأمل.
كلما مررت بتلك النخلة القابعة فوق ركام الحنين أدركت حجم سنين العمر المهدورة وهي تسابق السراب في قطار يحملني وأتكوم فيه بعيدا عن كل حضور؛ تبتلعني المسافات وتلقى بي على سرير الذكرى، إذ لا شيء يسكن خوابي الغفلة سوى سيماء منحوتة على جدار الذاكرة تأخذني بعيدا هناك لأجالسني وحيدة أتأملني في تلك الزاوية الفارغة حيث تكومت صور الحروف القابعة فوق القرطاس الأبيض من دون وجهة تستقبلها أو معلم يوجهها، لعلها تقرع بابا أو تزيح غبارا تراكم منذ الأزل ولا يزال.
ففي حضرة صفوة الروح لامكان لهذا أوذاك.
أنت وحيد إلا منك حيث تسمع سلوى النجوى المتهادية في بطن نهر النسيان.
وأنت جماعة بك حيث تكتبك الحروف في كراسة خالدة يتجول بها العارفون العازمون على طرق دفتي كتاب لا يفرحون بآت ولا يضجرون بفائت؛ يتأملونك وأنت تعتق الصباح بالأمل ليوم وجهه متشح بالسواد صوته صراخ يرتفع إلى السماء حيث لا حجاب ؛ ذاك العجز يكبلك ويرمي بك في متاهات الألم يخنق صخبك الواهن يعري الوجه القميء للحقيقة؛ تلك التي غيبتها البدايات المبهجة لندرك أننا راحلون مهما امتد بنا العمر وطالت الحياة.

مستجدات
error: جريدة أرت بريس