.

أنوار يكتب: لا بديل عن منظومة ترابط رقمية موحدة… نحو حساب إداري للمرتفق ضمانا لتحسين جودة الخدمات الصحية

أنوار يكتب: لا بديل عن منظومة ترابط رقمية موحدة… نحو حساب إداري للمرتفق ضمانا لتحسين جودة الخدمات الصحية
أنوار يكتب: لا بديل عن منظومة ترابط رقمية موحدة… نحو حساب إداري للمرتفق ضمانا لتحسين جودة الخدمات الصحية

  • أنوار قورية – دكتور في الاعلام والسياسات الدولية

سأفتتح مقالي بمقتطف من الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالته للأمة بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لعيد العرش المجيد، خطاب يجسد العناية السامية التي يوليها جلالة الملك محمد السادس لقطاع الصحة وصحة المواطن المغربي “… العناية التي أعطيها لصحة المواطن المغربي، وسلامة عائلته، هي نفسها التي أخص بها أبنائي وأسرتي الصغيرة…”
إن المشهد الصحي في بلادنا يمثل مأساة حقيقية تتناقض تناقضا صارخا مع التطلعات الملكية السامية وطموحات الشعب المغربي، فبينما تُبذل جهود وترصد اعتمادات مالية كبيرة لبناء المستشفيات وتجهيزها، تظل النتائج كارثية بسبب الفساد والإدارة المتخبطة وسيطرة “عصابات” داخل المؤسسات الصحية تحول دون استفادة المواطن من خدمة صحية لائقة.
لم يعد خافيا على أحد استئثار بعض الفئات غير المسؤولة بمقدرات القطاع الصحي، حيث أصبحت المستشفيات والمستوصفات والمرافق التابعة لها ساحة للمحسوبية والزبونية والفساد وانعدام المسؤولية، لقد تحولت هذه المؤسسات التي من المفترض أن تكون أماكن للشفاء إلى وكر للممارسات المشبوهة وسوء الحكامة، مما يجعل كل مجهودات الدولة في البناء والتجهيز عديمة الجدوى، وهنا أتساءل، أين هي رقابة الدولة؟ أين هي إرادتها الحقيقية في مواجهة هذه الآفة التي تدمر صحة المواطنين ومستقبل الوطن؟ إن التغاضي عن هذه الممارسات خيانة للأمانة وتقاعس عن الواجب الأساسي للجهات الوصية في توفير الرعاية الصحية للمواطنين…
نحو نظام صحي موحد ورقمي مندمج
كحل عملي وفوري، أطالب الحكومة الاجتماعية بين قوسين بتبني مشروع طموح يقوم على دمج خدمات القطاع الصحي الخاص والعام ضمن منظومة ترابط وطنية واحدة موحدة، دامجة ومندمجة، مع إحداث حساب رقمي/إداري للمرتفق (CNU/ CAU) يمكن كل مواطن من الولوج إلى أي مؤسسة صحيةعلى الصعيد الوطني، عمومية أو خاصة، والاستفادة من الخدمات المتاحة دون عوائق… وخير ما يميز هذا النظام المقترح عن العبث التدبيري الحالي هو:
1. حساب إداري رقمي فريد: لكل مواطن ملف صحي إلكتروني موحد يضم تاريخه الطبي، نتائج الفحوصات، الوصفات، والتقارير الطبية، يمكن الاطلاع عليه في أي مؤسسة صحية مع ضمان سرية البيانات.
2. تذليل البيروقراطية: إلغاء المساطر الورقية المعقدة التي تستنزف وقت وجهد المريض والطاقم الطبي على حد سواء.
3. شفافية كاملة: يحد هذا النظام من الفساد والمحسوبية، حيث تصبح كل الخدمات مسجلة ومراقبة ضمن المنظومة الرقمية.
4. تحسين توزيع الموارد: تتبع احتياجات المرضى والخدمات الأكثر طلبًا يساعد في تخطيط أفضل للموارد البشرية والمادية.
5. جسر الهوة بين القطاعين العام والخاص: الاستفادة من طاقات القطاع الخاص لدعم المنظومة العمومية وتفادي الازدواجية.
إن استضافة المملكة المغربية واحتضانها لفعاليات قارية وعالمية خصوصا بطولة كأس العالم 2030 ليست مجرد حدث رياضي، بل هي قفزة نوعية شاملة يجب أن تشمل كل القطاعات، وعلى رأسها القطاع الصحي، كيف سنستقبل الملايين من الوافدين الزوار والجماهير ونظامنا الصحي يعاني من كل هذه الاختلالات؟ إن تطبيق هذا النظام الصحي الرقمي الموحد سيكون إرثا دائما يتجاوز حدود البطولة، وسيضع المملكة المغربية في مصاف الدول الرائدة في مجال الرقمنة الصحية والصحة الرقمية الذكية، على الصعيدين الإقليمي والدولي، إنها بصدق فرصة تاريخية لإصلاح حقيقي وشامل يجب ألا نضيعها…
ختاما لا مكان للانتظار بعد اليوم، أطالب الحكومة والمسؤولين بالتحلي بالشجاعة الكافية لاتخاذ القرارات الحازمة واللازمة لإنقاذ القطاع الصحي، كفى من التسامح مع الفاسدين والمتسللين إلى جسم المنظومة الصحية، كفانا شعارات براقة دون تنفيذ على أرض الواقع، يجب وضع حد لاستمرار معاناة المواطنين البسطاء في ظل منظومة صحية متهاوية، المطلوب الآن هو إرادة سياسية حقيقية، وإجراءات عاجلة، ومحاسبة شديدة لكل من تسول له نفسه العبث بصحة المواطنين ومستقبل البلاد.

 

مستجدات
error: جريدة أرت بريس