بقلم : مجدي بكري
المدير الفني لاتحاد كتاب مصر
حينما يتحدث فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف عن الأسرة، تعرف كيف ان الإسلام وضع التشريعات والضوابط والقيم النبيلة التي تحافظ على هذا البنيان وتراعي كل طرف فيه من حيث الحقوق والواجبات والتشريعات.
فضيلة الشيخ يؤكد دائما إن الأسرة في الإسلام ليست عقدا أو نظاما مدنيا أو طبيعيا أو اجتماعيا، وإنما هي عقد ديني مقدس له حرمته وقدسيته، وهو محاط بتشريعات إلهية دقيقة منها ما هو ثابت وباق ومصاحب للأسرة مهما تغير بها الزمان والمكان، ومنها ما يتطور ولكن بشرط أن يبقى ضمن ثوابت الإسلام وأطره الخلقية والإنسانية. وإن مقصد الشريعة الإسلامية من نظام الأسرة هو حفظ النسل والإبقاء على استمرار النوع الإنساني،
و أن الأسرة حظيت في القرآن الكريم وشريعته بما لم تحظ بمثله من قبل، حيث أن توصيف الأسرة في القرآن الكريم هو التجسيد البشري لخلافة الإنسان عن الله في الأرض، وأنها الضامن لاستمرار هذه الخلافة وأول ما افتتح به الكون وسر بقاؤه.
وعلي هذه الأسس نشأت مبادرة “معا لحماية الأسرة المصرية” اسستها الدكتورة أنجي فايد استاذ الآثار وكبير الباحثين بهيئة الآثار والدكتور حسام لطفي أستاذ ورئيس قسم القانون المدني سابقًا بكلية الحقوق -جامعة بني سويف.
فلقد كانت الدكتورة إنجي فايد منبهرة بما ورد في برديات مصر القديمة التي أطلعت عليها كثيرا خلال عملها بهيئة الآثار حيث رأت في هذه البرديات انه كان من حق الزوجة المطلقة أو الأرملة في تعويض عادل حتى لا ينهار مستواها الاجتماعي بعد انتهاء علاقة الزوجية … وكان لديها صديقات عانين من ذلك ..وسألت عن الحل فاستحضرت ” حق الرتقة” وبدأت في جمع معلومات عنه من خلال علماء الأزهر الشريف.
.كما بدأ الدكتور حسام لطفي البحث – كاستاذ قانون ألف البحث العلمي منذ سنين عددا -في المراجع ..فقرأ في فقه المالكية ما حفزه على تدعيم الدكتورة إنجي في جهدها لإحياء إرثنا من الحضارة المصرية القديمة في شأن تكريم المرأة ..
ومن هنا كانت المبادرة .. وكانت اللقاءات التليفزيونية للتعريف بما يدعوان إليه .. وكان الحوار مع أصحاب القلم ..فدعموا عن قناعة وبصدق مع النفس المبادرة وأيدوها ..ثم كان القرار ببدء الحوار المجتمعي .. ودعوة الجميع إلى المشاركة لتحقيق الهدف . .. وبدءا السعي لإحياء ما ارتضاه المصري القديم من حلول مالية لتظل المطلقة أو الأرملة في وضع اجتماعي مناسب ..وجاء شيخ الأزهر داعما هذه الجهود المباركة بفكر صائب ورؤية واضحة …ومن هنا كان الحوار المجتمعي مهما للتعريف بالأصول التاريخية لحق الرتقة وفقه الكد والسعاية بدءا من حضارة مصر القديمة ..مرورا بقرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي ..واستنادا إلى كتابات ثرية لفقهاء المالكية خصوصا في بلاد المغرب العربي ..وكان فصل الخطاب هو موقف الأزهر الشريف حسبما أفصح عنه فضيلة الإمام الأكبر …بكلمات رصينة من عالم جليل يجلس على قمة أعلى مرجعية دينية للمسلمين في العالم كله .. فلنلتقي من حول فقه الكد والسعاية لحماية الأسرة المصرية ولنبدأ حوار مجتمعي لوضع قانون جديد للأحوال الشخصية نحمي فيه الطفل والأم والأب لنحقق للجماعة المصرية ما تسعى إليه من سلام اجتماعي مستدام.
وعلي خطى المعنى الذى تعنيه الآية الكريمة «ولا تنسوا الفضل بينكم» تسير مبادرة «معًا لحماية الأسرة» حيث تسعى منذ عامين وآكثر، لتطبيق قواعد الرحمة والود وما يضمن الأمان داخل الأسرة المصرية حتى لو انفرط العقد وتباينت مصالح وأهواء الشركاء، فيجب على الأزواج فى حالة وقوع الطلاق أن يضعوا فى اعتبارهم ما كان بينهم من عشرة ومعروف ولا ينسوه، ويحضرنى هنا نموذج قام بتطبيقه الخليفة عمر بن الخطاب يؤكد مبدأ الكد والسعي عندما جاءته امرأة توفى زوجها تقول له إنه مات وترك ورشة، فقال: لك السدس، فقالت إنها كانت تساعده في إدارة الورشة فقال: لكي النصف ومن بعدها تحصلي على السدس.
كانت هذه رحلة مبادرة “معا لحماية الأسرة المصرية” التي طافت معظم المحافظات المصرية وعقدت لقاءاتها في كبري أندية مصر وصحفها وجامعاتها حتي حققت الكثير من أهدافها وصدرت عدة قوانين استجابة للاهداف التي وضعتها المبادرة.




















































