آربريس ـ محمد الغياط /. سيرة ذاتية مترجمة من اللغة الفرنسية الي اللغة العربية
ترجمة للباحثة :أميمة بونخلة .
كما سبق ان واعدت صديقي الزبير الملطي حينما حضرت حفل تقديم وتوقيع كتابه الجديد المترجم من اللغة الفرنسية الى اللغة العربية تحت عنوان :
“مسار محارب مثل الاب مثل الابن .”
الحفل الذي نظم بمبادرة من جمعية نور للتضامن والتنمية بالرباط يوم السبت فاتح ماي 2024
كتبت هذه القراءة الأدبية كمساهمة للتعريف بالكاتب
والكتاب كصنف أدبي ينتمي الى آداب السيرة الذاتية .
السيد الزبير الملطي حاصل على الماستر في الرياضيات من جامعة فرنسية هذا الشخص المحترم الانسان المغربي ابن السيد احمد الملطي المحارب السابق في صفوف الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية ، والذي خاطبه وهو يبحث عن مدرسة عليا لمتابعة دراسته الجامعية ذات يوم قاءيلا التحق بفرنسا :
” ان فرنسا بلد حرية وحقوق وفرص “
علي اثر مطالعتي للكتاب بتمعن واهتمام ادركت ان الكاتب يتمتع بذاكرة واسترجاع متين للأحداث وينتقل بسلامة عبر الزمان والمكان وكانه كاتب سيناريو للأحداث ، حيث يحكي في سيرته الذاتية عن مرحلة طفولته وعلاقته بأسرته ووطنه وعن هجرته الي فرنسا قادما اليها من تطوان المغربية بعد حصوله على شهادة الباكالوريا ، في سنة 1998 وهي بداية رحلته مع الغربة ومعاناتاه في الدراسة والتدريب والبحث عن العمل والتاقلم والإندماج في مجتمع غربي ، ساعيا لتحقيق حلما لطالما راوده منذ وصوله الى فرنسا في ريعان شبابه ليحارب كما حارب اباه في بلد حرره والده بالتضحية والوفاء ، فكان قدره مكتوبا بوصية محارب الي خلفه .
اعجبت بالكتاب لانه عبارة عن سيرة ذاتية لبعض مراحل حياته في فرنسا بلد الدراسة والهجرة والاندماج تبدء بالرحلة والدهشة من المصير والخوف من المستقبل ،وتتلوها الاحباطات الأولى والشعور بالظلم وخيبة الامل في تخطي الامتحانات لاول مرة .لتبدء المعاناة مع المحيط والشعور بالقلق
والشعور بصدمة الخيانة التي لم يتوقعها من قدر ومجتمع ،تاه الزبير وهو يواجه مصيره وحيدا ينتقل من وضعية لأخرى ومن مدرسة الي مدرسة ومن مدينة الي مدينة ومن تجربة الي تجربة أصعب منها ومن موقف الى مواقف تزيده الما واحيانا احباطا ومن صديق الي اصدقاءيبحث عن الوفاء وعن الاستقرار وخاصة بعد وفاة والده ومعاناته وكذلك من ألم المرض دون سند يبحث من يهتم بحالته الصحية النفسية وهو يواجه الظلم المدرسي وقلة الامكانات المالية ، لتصبح فرنسا بالنسبة اليه عالما جديدا مخيفا ، وخاصة بعد احداث 11شتنمبر 2011 حيث سيتغير العالم وتتغير معه نظرة الغرب للعرب والمسلمين وخاصة في فرنسا.
واذا كان الزبير يتحدث عن ذكرياته الشخصية فانه ايضا، كان يربطها باحداث اجتماعية وسياسة واقتصادية وثقافية شهدتها فرنسا ويفصح عن رفضه للعنف او القتل او الجريمة ضد الانسان كيفما كان واينما كان وخاصة حينما يتحدث عن قضايا الإرهاب والعنف والعنصرية …….
ولكنه أمام كل هذا الوضع يسعى لتحقيق النجاح بعد حصوله على الماستر في الهندسة الكهربائية تم زواجه من مواطنة فرنسية واحتفاله بميلاد ابنته التي اسماها “ميان “
فيحلم بالانطلاقة الأولي نحو التدريب للبحث عن عمل ويحكي معاناته مع مكاتب التشغيل رغم انه حاصل على الجنسية الفرنسية .
ظل في مرحلة من حياته بعد حصوله على الماستر المتخصص في الهندسة الكهربائية وكذا الزواج بدء يحلم بالاستقرار ، يفرح بنكهةالتشاؤم ، ولكنه رغم ذلك لم يفقد الامل وعمل من اجل احتضان المهمشين العرب والافارقة ضحايا سياسة الهجرة ، من اجل خدمة المو اطنين من خلال نشاط جمعوي تضامني تطوعي خاص بدعم الفقراء والمهاجرين في الدراسة ورغم الرضا والفرحة التي منحها له الطلبة والتلاميذ ، الا انه كان يحس بالاضطراب النفسي كلما قوبلت طلبات العمل التي يتقدم بها للمشغلين بالرفض ، وعدم منحه الفرصة فظل يحارب على عدة عدة واجهات فؤ الحياة لإثبات ذاته في مجتمع يعامل الأجانب من أصول عربية مسلمين او افارقة بأشكال التمييز والعنصرية والكراهية وهذه اشكالية سياسية وثقافية اكثر منها اقتصادية …
وتشاء الاقدار ان يفترق بطلاق ودي مع زوجته الفرنسية التي كرهت فشله في توفير حياة الاستقرار للاسرة دون عتاب ، فيعيش بعدها تجارب مليئة بالفرح و الاحباط وعدم الاستقرار والرفض غير المبرر لطلبات العمل التي يقدمها لعدة شركات ومؤسسسات رغم نجاحه في عدة مقابلات ، مما دفعه ذات مرة الي تقديم نفس سيرته الذاتية مدعومة بصورة صديقته الفرنسية فتم قبولها في العمل بدله ليتاكد ان المسالة لاتتعلق بالكفاءة او المؤهلات بل انها تتعلق بالاسم العربي الذي يحمله وهويته الإسلامية العربية مما دفعه الي تقديم شكاية للقضاء الفرنسي ضد ثلاث مدارس بتهمة التمييز في التوظيف .
انه فهلا مسار محارب مثله مثل ابيه والفراق ان اباه كان يقاوم الغزو بسلاح في معركة وزواجه عدو واحد بينما كان الزبير محارب يحارب بالإيمان وبالعلم عدة اعداء منهم الظاهر ومهم الخفي كان يحارب لوحده مجتمعا متناقض مع مباديء جمهوريه وشعا راتها السياسية
الكاتب الزبير شخصية متميزة مبدع وانسان تعرض لصدمة الخيانة من الوطن الثاني ونجح في في كتابة سيرته الذاتية من خلال البوح والصدق والصراحة والتجربة والموضوعية بالثبات على عنصري الزمان والمكان والقدرة على استرجاع الذكريات والانتقال بسلاسة من موقف الى اخر ومن وضعية الي اخري وكانه كاتب ليناردو من الاحداث الإنسانية يتساءال بين الفينة والاخري عن مصيره من تطور الاحداث وبدوافع انسانية ذاتية صريحة ينم عن عمق وتجربة في الحياة بحلوها ومرها ليقدم درسا للشباب بان التهافت وراء الشعا را ت والانبهار بالحضارات ليس هو الواقع في الحياة .
ما جعلني اشكره وانوه بكتابه ونجاحه ككاتب مبدع صاغ سيرته صياغة ادبية محكمة سهلة في القراءة وممتعة …
واطلب صداقته ،واتمني كن كل قلبي ان تتحول هذه السيرة الي شريط سينمائي لتوفرها على مقومات الرواية الناجحة كفيلم سينمائي.
وإذ اشكره على الفرصة التي اتاحها لي بالاطلاع على تجربته فإني ادعو القراء
الي الاطلاع على هذا الكتاب بعنو انه المعبر عن صدق الا رتباط بين ابن وابيه رحمه الله المحار ب الأول الحقيقي الحلقة المفقودة في هذا الكتاب متمنيا ان يخصص له كاتبنا الزبير الملطي الجزء الثاني من سيرة ابيه كما عاشها معه .
محمد الغياط ، شاعر وفنان مهتم بالآداب ـ باحث في علوم التربية تخصص علم النفس التربوي .مرشد تربوي في التنمية البشرية وفاعل جمعوي