.

ليس وداعاً بل إلى اللقاء: رسالة محبة وامتنان من قلب مغربي إلى كوت ديفوار (عبد المالك كتاني سفير المملكة المغربية)

ليس وداعاً بل إلى اللقاء: رسالة محبة وامتنان من قلب مغربي إلى كوت ديفوار (عبد المالك كتاني سفير المملكة المغربية)

عبد المالك كتاني سفير المغرب السابق بكوت ديفوار:

هذا الصباح، وبينما أنهي آخر الترتيبات قبل التوجه إلى المطار، تغمرني مشاعر مختلطة وعميقة. شعور بالفرح، لأنني أغادر وأنا أحمل في قلبي شعوراً بإنجاز الواجب تجاه وطني، ومزيج من الحنين العذب، لأن الوقت قد حان لأقول وداعاً لهذا البلد الرائع، لهذه الأرض المضيافة التي منحتني الكثير.

عندما وصلت إلى كوت ديفوار، كنت أعلم أنني مقبل على تجربة فريدة، لكنني لم أكن أدرك حينها إلى أي حد سيُغنيني هذا البلد، بأهله، وثقافته، وطاقته، على المستوى الشخصي والمهني. لقد استقبلتموني كأخ، وأرحل الآن محمّلاً بذكريات ثمينة، وصداقات متينة، وإعجاب كبير بهذا البلد وشعبه.

أتقدم بأحر عبارات الشكر والامتنان إلى صاحب الفخامة السيد رئيس الجمهورية، الحسن واتارا، على الثقة التي ما فتئ يوليها للمغرب، وعلى دعمه المتواصل طوال مدة مهمتي. سيدي الرئيس، إن رؤيتكم لكوت ديفوار، والتزامكم من أجل السلام، والتنمية، والتضامن، تُلهمون بها ليس فقط شعبكم، بل كل من حظي بشرف معرفتكم.

كما أحيي بكل تقدير ومحبة السيدة دومينيك واتارا، هذه السيدة العظيمة والاستثنائية، التي يشعّ التزامها الإنساني والاجتماعي إلى ما وراء حدود كوت ديفوار. سيدتي، إن تفانيكم في القضايا الاجتماعية ودعمكم المستمر للفئات الهشة، مصدر إلهام وإعجاب، ونموذج يُحتذى به.

وأتوجه بالشكر من أعماق قلبي إلى كافة السلطات العليا في كوت ديفوار، وإلى جميع وزراء الجمهورية، ليس فقط على التعاون المثالي، بل أيضاً على صداقتهم وروابطهم الإنسانية العميقة التي نسجناها مع مرور السنين. لقد كنتم شركاء موثوقين، متاحين دائماً، ومنفتحين على الحوار. وبفضل هذه العلاقة المتميزة، تمكّنا من تعزيز الروابط بين المغرب وكوت ديفوار في كافة المجالات: الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية.

إلى رؤساء المقاولات المغربية المقيمين في كوت ديفوار، أقول شكراً جزيلاً على دعمكم المتواصل الذي مكن السفارة التي تشرفت برئاستها من تنظيم فعاليات استثنائية وأنشطة ثقافية لا تُنسى. أنتم أيضاً سفراء لهذه العلاقة الجميلة بين بلدينا الشقيقين، وأنتم روّاد هذا التعاون جنوب-جنوب المربح للطرفين، كما أراده وأرسى أسسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.

إلى أصدقائي المغاربة والإيفواريين، كنتم عائلتي القلبية. ابتساماتكم، ونصائحكم، ودعمكم، كانت مصدر تحفيز دائم لي. المغرب وكوت ديفوار ليسا بلدين تربطهما الدبلوماسية فحسب، بل شعبان تجمعهما أخوّة حقيقية.

ولا يمكنني أن أُنهي دون أن أخصّ بتحية خاصة زملائي في السفارة. هؤلاء الرجال والنساء، الذين يعملون غالباً في الظل، كانوا المحرك اليومي لعملنا. لقد جعل تفانيهم، واحترافيتهم، وشغفهم، كل نجاح وكل مشروع وكل تقدم في علاقاتنا الثنائية ممكناً. العمل إلى جانبهم كان امتيازاً ومصدر إلهام. إنهم الروح الحقيقية لهذه المهمة، وأنا ممتن لهم بعمق.

هناك مثل يقول: “الرحيل هو موتٌ صغير”. واليوم، أشعر بصدق هذه الحكمة. مغادرة هذه الأرض هو ترك جزء من القلب خلفي. لكنه أيضاً حمل ثروة لا تقدّر بثمن: ثروة اللقاءات، والتجارب، واللحظات المشتركة.

أغادر وأنا على يقين أن هذه القصة الجميلة من الصداقة والتعاون ستستمر، بفضلكم أنتم، الفاعلين الملتزمين والمتحمسين.

شكراً لكم جميعاً لأنكم جعلتم من إقامتي هنا مغامرة إنسانية استثنائية. أتمنى لكل فرد منكم، ولكلا بلدينا الشقيقين، السلام والازدهار والنجاح.

هذا ليس وداعاً، بل إلى اللقاء. لأن الروابط الحقيقية لا تنكسر أبداً.

حفظنا الله وهدانا نحو غدٍ أفضل دائمًا.

شكراً، شكراً جزيلاً للجميع.

تحيا الصداقة والأخوّة المغربية الإيفوارية.

مستجدات
error: جريدة أرت بريس