.

منال رضوان وكرم عباس في حوار بين الأدب والفلسفة في مكتبة “فضاءات أم الدنيا”

منال رضوان وكرم عباس في حوار بين الأدب والفلسفة في مكتبة “فضاءات أم الدنيا”
  • كتب _ بوشعيب خلدون :

استضافت مكتبة فضاءات أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع أمسية فكرية مميزة بعنوان “حوار بين الأدب والفلسفة”، جمعت بين الناقدة الأدبية منال رضوان عضو لجنة التنمية الثقافية ومنظمات المجتمع المدني بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، والأستاذ الدكتور كرم عباس أستاذ الفلسفة بكلية الآداب ـ جامعة القاهرة، وسط حضور نوعي من المثقفين والإعلاميين والأكاديميين وطلاب أقسام الفلسفة.
في مستهل الأمسية، رحبت ولاء أبو ستيت، صاحبة دار فضاءات أم الدنيا، بضيفي الندوة والحضور، مؤكدة أن مثل هذه اللقاءات الفكرية تمثل عودةً حميدة للحراك الثقافي الحقيقي، القائم على النقاش الحرّ وتبادل الرؤى بين مفكّرين يجمعهم الهمّ المعرفي والوعي بدور الثقافة في بناء المجتمع.
بدأت منال رضوان الحوار باستعراض منجزات د. كرم عباس العلمية والفكرية، مشيرة إلى ما تناولته في مقالاتها المنشورة بجريدة المصري اليوم من قراءات لأعماله، وكان أحدثها عرضها النقدي لكتاب “دينيس ديدرو والحركة الموسوعية” الذي قدّمته بعد أسبوعين فقط من صدوره، مثمنة دور جريدة المصري اليوم في مواكبتها لأهم الإصدارات لا سيما متابعة القسم الثقافي ومواكبته بتقديم تعريف لأهم المنجزات الأدبية، ثم افتتحت المحور الأول للحوار تحت عنوان “في البدء كان توما الأكويني”، متسائلة عن أبرز السمات التي لفتت انتباهه في بحثه الماجستير حول الأكويني، وأشارت إلى المفارقة التي طالما ميّزت العلاقة بين الفلسفة واللاهوت، واعتبار البعض أنهما كمسارين لا يتقاطعان، متسائلة كيف استطاع الأكويني أن يوفق بين شروحات الفلسفة ومقولات اللاهوت ذات الثوابت الصارمة، خصوصًا في ما يتعلق برؤيته لمكانة المرأة.
أوضح د. كرم عباس أنه اتجه إلى دراسة الأكويني بدافع فهم العقل الغربي الذي كثيرًا ما تحركه أطماع أو تصورات مغلوطة عن الشرق، مضيفًا أنه وجد في الأكويني محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها بعد أن وصف أرسطو المرأة بأنها “ذكر ناقص”، واستحضر عباس مثال السيدة العذراء لينفي هذا التصور، مؤكدًا أن النظر العقلي لا يجب أن يتعارض مع الإيمان.
وفي سياق حديثه عن الترجمة الفلسفية، شدّد عباس على أهمية الترجمة الاختصاصية الدقيقة، مشيرًا إلى أنه لا يصح أن تُترجم مفاهيم لاهوتية أو فلسفية بمفردات غير منسجمة مع سياقها، مثل استخدام “الجنة” أو “الله” في نصوص تتحدث عن الفكر الغربي الوسيط.
من جانبها، أشادت رضوان بما وصفته بـ”الصرامة المنهجية” لدى عباس، وقدرته على توظيف المصطلح بدقة علمية، ومعرفته بنشأته الفكرية وتطوره الدلالي، معتبرة أن بعض الترجمات غير الواعية بتلك التحديات قد تمثل “نتوءات على جسد النص الأصلي” حين تفتقر إلى هذه الدقة المفهومية.

تطرق الحوار بعد ذلك إلى عدد من كتب د. عباس المترجمة، مثل مقدمة في التصوف المسيحي، وحول العدالة على كوكبنا، ودينيس ديدرو والحركة الموسوعية. كما دار نقاش حول قضايا المرأة في الفكر الفلسفي، حيث تساءلت رضوان مستشهدة بمقولة المفكر “كوك تشور تان” عما إذا كانت المرأة تُرى كإنسان كامل أم كفئة تحتاج امتيازات تُضعف اكتمالها، وردّ عباس مؤكدًا أن حصر قضايا المرأة في مظهرها أو حرياتها الشخصية يُنتقص من جوهرها الإنساني، وأن القضايا الأعمق تتعلق بالمشاركة والعدالة والوعي.

وفي ختام الأمسية، تحدث د. عباس عن راهن الفكر العربي والغد المنتظر للوطن، محذرًا من هيمنة التيارات الظلامية التي عطّلت التعليم وأضعفت الهوية، ومشددًا على أهمية الوعي النقدي في دعم ما تحققه الدولة من إنجازات واقعية .

شهدت الندوة حضور الإعلامية أماني عبد اللطيف الإذاعية بالبرنامج الثقافي، ود. صبري زمزم مدير تحرير الأهرام، والكاتب والمترجم أحمد جمال أبو الليل، والأستاذة تسبيح كرم عباس، إلى جانب عدد من طلاب أقسام الفلسفة، واختتمت الأمسية بالتقاط الصور التذكارية وسط أجواء من الودّ والحوار المعرفي المثمر.

مستجدات
error: جريدة أرت بريس