التبوريدة في كأس العالم 2030؟ حلم قد يتحقق! الفارسات المغربيات.. بين الحفاظ على التراث وتحديات المجتمع الفروسية النسائية في المغرب.. طموحات وتحديات
في قلب التقاليد المغربية العريقة، تبرز الفروسية كواحدة من أرقى الفنون التي تجسد القوة، الشجاعة، والارتباط العميق بالأرض والتاريخ. وبينما لطالما ارتبطت الفروسية بالرجال، فإن النساء المغربيات أثبتن أنهن قادرات على اقتحام هذا المجال والتألق فيه بكل جدارة. ومن بين هؤلاء الرائدات، تبرز اسم أمال أحمري، الفارسة والمدربة التي كرست حياتها لعالم الفروسية، سواء في القفز على الحواجز أو التبوريدة، فصارت نموذجاً يُحتذى به في الإصرار والعزيمة. بدأت رحلتها مع الخيل منذ سن مبكرة، لتصبح اليوم واحدة من أبرز الفارسات المغربيات، حيث مثلت مدينة القنيطرة وجابت مختلف ربوع المملكة مشارِكة في أبرز التظاهرات الوطنية والدولية، كما حصلت على جوائز مرموقة أبرزها جائزة الحسن الثاني بدار السلام سنة 2008 والميدالية الذهبية للبطولة الوطنية، في نفس العام. لكن شغف أمال أحمري لا يتوقف عند حدود المنافسات، فهي أيضاً مقدمة ومدربة لسرية نسوية للتبوريدة، تساهم في كسر الصورة النمطية حول مشاركة النساء في هذا الفن، وتعمل على تدريب جيل جديد من الفارسات المتمكنات. في هذا الحوار الخاص ضمن سلسلة “حوار مع خلدون“، نغوص مع أمال أحمري في تفاصيل عالم الفروسية، تحدياتها، طموحاتها، وكيفية التوفيق بين شغفها بالخيل وحياتها الأسرية والمهنية.
حوار بوشعيب خلدون مع أمال أحمري الفارسة للقفز على الحواجز، ومقدمة ومدربة لسرية نسوية للتبوريدة
الفروسية والتخصص في القفز على الحواجز والتبوريدة.
قبل البدء في حوارنا، حدّثينا أمال عن ماذا يشكل لك الفرس في حياتك؟ وهل يمكنك العيش بدونه؟
الخيل جزء لا يتجزأ من حياتي، فهو أقرب أفراد أسرتي، وأستحيل العيش بدونه. إنه ليس مجرد حيوان بل صديق ورفيق درب، يمنحني الراحة والسعادة. كلما اعتليت صهوة جوادي، أستحضر قول المتنبي:
“الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم“
فالفروسية ليست مجرد رياضة، بل هي شغف وهوية وامتداد لشخصيتي.
1. متى بدأ شغفك بعالم الفروسية، وما الذي دفعكِ لاختيار القفز على الحواجز والتبوريدة كاحتراف وليس مجرد هواية؟
شغفي بالفروسية بدأ في مطلع شبابي، حيث وجدت في الخيل ملاذي وصحبتي ورياضتي. منذ بداية الألفين، بدأت التدريب الأكاديمي للفروسية، وخلال سنوات من الممارسة، انتقلت من الهواية إلى الاحتراف، خاصة في التبوريدة. هذا المجال لم يكن مجرد رياضة بالنسبة لي، بل هو تراث وثقافة وهوية مغربية يجب الحفاظ عليها. القفز على الحواجز منحني مهارات التحكم والتركيز، بينما التبوريدة أضافت لي قوة وشجاعة وتواصلاً أعمق مع التراث المغربي الأصيل.
2. التبوريدة المغربية تراث وطني عريق، ماذا تعني لكِ التبوريدة، وكيف تنظرين إلى دور الفارسات في الحفاظ على هذا الإرث الثقافي؟
التبوريدة ليست مجرد عرض فروسية، بل هي جزء أصيل من الهوية المغربية، إرث تناقلته الأجيال عبر الزمن. بالنسبة لي، هي أكثر من هواية، إنها شرف ومسؤولية، فهي تروي قصص الأجداد وتجسد معاني الفروسية الحقيقية.
أما بالنسبة لدور الفارسات، فقد أضفين على التبوريدة رونقاً خاصاً يجمع بين الجمال والقوة والشجاعة، مما زاد من انتشارها وجعلها محط اهتمام حتى الأجانب الذين يسعون لاكتشاف هذا الفن الفريد رغم خطورته. اليوم، بعض الفارسات يتقنّ التبوريدة بامتياز، مما يعزز مكانتهن في هذا المجال التقليدي.
3. بصفتكِ فارسة ومدربة لسرية نسوية، ما التحديات التي واجهتها المرأة في هذا المجال، وكيف استطعتِ التغلب عليها؟
التحديات التي تواجهها المرأة في مجال التبوريدة كثيرة، وأبرزها:
- التحديات المادية، حيث أن ممارسة هذه الرياضة تتطلب استثماراً كبيراً.
- التحديات النفسية والاجتماعية، إذ لا يزال البعض ينظر إلى هذا المجال على أنه حكر على الرجال، ويرون في وجود المرأة فيه منافسة لهم بدلاً من كونه تكاملاً بين الجنسين.
لكنني استطعت التغلب على هذه العقبات بالصبر والعزيمة والإرادة القوية. الأهم كان الالتزام بالمثابرة والاحترام والعمل الدؤوب، دون الاكتراث بالعوائق التي يمكن أن تحد من شغفي وطموحي.
التوفيق بين الفروسية والمسؤوليات الأخرى.
4. أنتِ أم لطفلين، طالبة باحثة في علم النفس، ومهتمة بالمجال البيئي، كيف تنجحين في التوفيق بين هذه المسؤوليات وممارسة الفروسية بكل احترافية؟
التنظيم والاعتياد هما سر النجاح في كل شيء. نحن كعائلة نحب الخيل، وهذا يجعل الأمور أسهل، فحتى داخل المنزل، الفروسية موضوع دائم في أحاديثنا. على سبيل المثال، أحد المواضيع التي تناقشنا فيها مؤخراً كان حول الاسم الذي سنطلقه على مهرة وُلدت حديثاً في المزرعة.
بالنسبة لي، الفروسية ليست مجرد رياضة، بل هي جزء من حياتي اليومية، وطريقتي للتوازن بين الدراسة، العائلة، والاهتمامات الأخرى.
5. كيف تمضي أمال أحمري شهر رمضان بين الالتزامات العائلية، والدراسة، والتدريب على الفروسية؟
شهر رمضان يكون دائماً تحدياً من حيث الوقت، ولكن مع التنظيم الجيد يمكن تحقيق التوازن. رغم التزامات العائلة، أحرص على عدم إهمال تدريباتي، لأن الفروسية ليست عملاً إضافياً بالنسبة لي، بل هي متنفس يجدد طاقتي ويمنحني الراحة وسط الانشغالات الأخرى.
التبوريدة والمشاركة في الأحداث الوطنية والدولية.
6. المغرب يشهد نهضة رياضية بتنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، هل تعتقدين أن فرق الفروسية المغربية “التبوريدة” يمكن أن تلعب دوراً في حفلي الافتتاح والاختتام لهذه البطولات؟ وهل تفكرون في تقديم مقترح رسمي بهذا الشأن؟
التبوريدة هوية وتراث مغربي، وأتمنى أن يكون لها حضور قوي في هذه المناسبات العالمية. سيكون من الرائع تقديم مقترح رسمي لإدراجها ضمن حفلي الافتتاح والاختتام، فهذا سيمثل فرصة رائعة لتقديم هذا الفن العريق أمام جمهور عالمي.
7. هل ترين أن المغرب استعد بالشكل الكافي لاستقبال هذه الأحداث الكبرى، وهل تعتقدين أن التراث المغربي سيحظى بمكانة متميزة ضمن هذه التظاهرات؟
المغرب بلد قوي بقيادة جلالة الملك محمد السادس، وأعتقد أنه سيحرص على أن تكون هذه الأحداث في أعلى مستوى. أتمنى أن يحظى التراث المغربي، وخاصة التبوريدة، بمكانة بارزة ضمن هذه التظاهرات.
تطوير الفروسية النسائية ومستقبلها.
8. بصفتكِ مدربة، هل تفكرين في إطلاق دورات تدريبية للفتيات المهتمات بالفروسية “التبوريدة” والقفز على الحواجز؟ وما هي نصيحتكِ للشابات اللواتي يرغبن في دخول هذا المجال؟
حالياً، أقوم بتدريب مجموعة مختارة من الفتيات، وأحرص على اختيارهن بعناية. نصيحتي لأي شابة ترغب في دخول هذا المجال أن تتحلى بالصبر، وأن تحب الخيل من أجل الخيل، وليس فقط من أجل الصور والفيديوهات. التبوريدة ليست مجرد استعراض، بل هوية وممارسة تتطلب التزاماً وتركيزاً كبيرين.
9. ما رأيك في الاهتمام المتزايد بالفروسية النسائية في المغرب؟ وهل تعتقدين أن هناك دعماً كافياً للفارسات للوصول إلى مستويات عالمية؟
الاهتمام المتزايد بالفروسية النسائية في المغرب أمر إيجابي، لكنه لا يزال يواجه تحديات، خاصة في ما يتعلق بالدعم. حالياً، دعم العائلة والأصدقاء هو الأساس، لكن هناك حاجة لمزيد من الرعاية الرسمية لضمان وصول الفارسات إلى مستويات عالمية.
10. أخيراً، ما هي طموحاتكِ المستقبلية في مجال الفروسية، سواء على المستوى الشخصي أو في تدريب وتأطير الجيل الجديد من الفارسات؟
طموحي الكبير هو تطوير العلاج النفسي بالخيل (L’équithérapie)، إضافة إلى رفع مستوى التدريب، وإعطائه القيمة التي يستحقها. كما أسعى إلى الاستمرار في تدريب وتأطير الجيل الجديد من الفارسات، مع التركيز على الحفاظ على قيم وأصالة هذا الفن العريق.
#حوار_مع_خلدون #أمال_أحمري #الفروسية_النسائية #التبوريدة #التراث_المغربي #القفز_على_الحواجز #الفارسات_المغربيات #الفرس_عشق_لا_ينتهي #المرأة_والفروسية #التبوريدة_النسائية #الهوية_المغربية #المغرب #الفروسية_المغربية #فن_التبوريدة #تراث_لامادي #التحدي_والشغف

























































