ما زال للكتابة التقليدية معجبوها وما زال الكتاب يسوق كما كان عليه الأمر في السابق… صحيح ليس بنفس الحدة، لكن الثقافة الرقمية هي مكملة لنظيرتها الكلاسيكية اليوم
#حوار : بوشعيب خلدون
أواصل لليوم الرابعة والعشرون عشر رحلة حوارتي من أيام رمضان الأبرك سلسلة حوارات رمضانية التي تعودت على إجرائها منذ سنوات وأستمر في ذلك كل رمضان عبر مجلة اربريس التي اعتبرها تحفة فنية حاولت ان اؤسسها لتكون منبرا ثقافيا متميزا وجادا أيضا وقبلها في جريدة الصحراء المغربية الغراء .. وكل عام اتناولها بأسلوب جديد.. حوارات مغايرة في مجلة آربريس أستضيف فيها فنانون وفاعلون جمعويون واقتصاديون ونجوم السوشييل ميديا في بوح لمشاركتنا طقوسهم خلال شهر رمضان ..
الحلقة الرابعة والعشرون نحط الرحال بباريس المدينة الحاضنة للجوكندا وروائع الفن بمتحف اللوفر وروائع الادب الفرنسي ونستضيف في هذه الحلقة كاتب ومهندس، خريج جامعة مونبوليي الفرنسية، ابن مدينة تطوان الحمامة البيضاء التي تسكنه ويسكنها والتي رأى النور فيها سنة 1980.. بعد حصوله على بكالوريا شعبة العلوم الرياضية بثانوية جابر بن حيان بنفس مدينة المنشأ، عشقة ونهمه للعلوم والبحث عن آفاق اوسع لتوسيع مداركه العلمية قاده الى فرنسا التي اتم دراساته العليا بها، ورغم اختياره الاستقرار بباريس لكن تطوان بقيت حاضرة في القلب والقلم من خلال كتبه التي خص أحدها لوالده رحمه الله .. ضيفنا هو الكاتب والمهندس الزبير الملطي، حاصل على شهادة الكفاءة للتدريس المهني الثانوي في الرياضيات والعلوم بعد مباراة وطنية على الصعيد الفرنسي، ودبلوم الدراسات العليا المختصة في مصداقية الهندسة الكهربائية بجامعة مونبوليي للعلوم، ودبلوم الماستر في الإلكترونيك الإلكتروتيكنيك والأوتاماتيك بجامعة مونبوليي للعلوم، ودبلوم الإجازة في الهندسة الكهربائية بكلية أورليون ، والدبلوم الجامعي للتكنولوجيا في الهندسة الكهربائية والإعلاميات الصناعية بالمعهد الجامعي للتكنولوجيا بشارتر، والأقسام التحضرية في شعبة الفيزياء والكيمياء والعلوم الصناعية بثانوية باجيو بليل.
عمل كمهندس إلكترونيك ثم كمدرس رياضيات وفيزياء وتكنولوجيا وإعلاميات كذلك. قام بإنشاء جمعية للدعم والتكوين ضمت قرابة 300 تلميذ من من أجل محاربة ظاهرة الهدر المدرسي.
حاليا هو إطار تقني في إحدى الشركات الفرنسية وعضو في جمعية sos racisme لمناهضة العنصرية بفرنسا. يكتب مقالات ادبية وعلمية، وألف ثلاث كتب وهي كيفية إنقاذ الطلاب المتسربين وتجنب ظاهرة الفظاظة والعنف بالفرنسية و مسار محارب مثل الأب مثل الإبن بالفرنسية والعربية وأقدار متقاطعة بالفرنسية.
ضيف الليلة الرابعة والعشرون من ليالي الكاتب والمهندس والأكاديمي الزبير الملطي يحاوره بوشعيب خلدون :
1/ الزبير الملطي في جملة.
مهندس عاشق للأدب والكتابة منظار أرى من خلالها الأشياء أكثر وضوحا…
2/ عادة كيف تمضي ايامك ولياليك الرمضانية في الغربة وهل تعد مائدة افطار مغربية وماهي الأكلة المفضلة لديك ؟..
ـ أحاول في رمضان قدر المستطاع، أن أعيش بطقوس 100% مغربية رغم الغربة. طبعا مائدة إفطاري لا تخلو من الحلويات والأكلات المغربية المعتادة كالشباكية والرغايف. لكن أكثر ما أعشقه هو الحريرة المغربية التي تجعلني أسافر عبر الزمن لأتذكر الروائح الطيبة التي كانت تنبثق من مطبخ والدتي.
3/ الى جانب كونك مهندس في مجال الكهرباء انت كاتب ايضا هل تعتبر رمضان فرصة للكتابة وانجاز مشاريع ادبية بعيدا عن اكراهات العمل ؟..
بالنسبة لي، رمضان هو فرصة للتأمل ومراجعة الذات. وهو كذلك الوقت الذي يجعلنا نشحن البطاريات لكي نستعيد نشاطنا من جديد. شخصيا أفضل الإبتعاد عن كل ماهو مادي في رمضان وأحاول التركيز على إفراغ ذهني من كل ماهو سلبي. وهذا يساعدني بالتأكيد في مجال الكتابة لأنني أرى الأشياء أكثر وضوحا.
4/ كمهندس ستكون لك أكيد علاقة بالتكنلوجيا ومستجداتها المتسارعة.. اسألك عن سلطة الذكاء الاصطناعي هل اصبح يهدد عرش الابداع التقليدي وهل انت مع اقحام التكنولوجيا الذكية في مناخ العمل ام انها تهدد الانسان وكيف السبيل لمواكبة هذا التطور في مجتمعاتنا العربية والاستفادة منها مع تجنب اضرارها المحتملة ؟..
ـ نحن في عصر السرعة. ولقد دخلنا بالفعل تكنولوجيا الجيل الخامس. وهو ما سيغير فعليا نظرتنا للعالم الذي نعيش فيه. كل شيء سيتغير لا محالة، بل في بعض البلدان، خصوصا الآسيوية منها، بدأت فعليا في الإشتغال بأنظمة متطورة وذكية لم نرها من قبل. هذا الأمر سيجعلنا حتما أكثر إنتاجية وأكثر مردودية. لكن كل ذلك سيكون على حساب الإنسان الذي سيكتفي بدور المراقب ولن يدخل في مراحل الإنتاج الكلاسيكية كما كان في السابق.
المشكل الآخر هو الإعتماد بشكل كلي على التكنولوجبا الذي قد يؤدي إلى أزمة ثقافية واجتماعية أكثر حدة على ما نراه اليوم.
البلدان العربية بدورها لن تكون استثناء فيما يحدث لكن بسرعة أقل. يجب علينا جميعا، الإستثمار في العقول وليس الماكينات والعمل كذلك على تطوير الذات من أجل خلق بيئة متوازنة يكون فيها الإنسان هو الرابح.
5/ ككاتب هل تعتبر أن زمن الكتابة التقليدية يمضي نحو الاختفاء في وقت تحل محله الثقافة الرقمية والذكية ان صح القول ام أنهما يكملان بعضهما.. وهل ترى ان وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت حاسمة في صناعة الثقافة والمثقف وتوجيه الجمهور ؟..
ـ صحيح أننا نعيش في زمن الرقمنة حيث لم يعد الكتاب يقتصر فقط على الورق بل صار بإمكاننا الوصول إلى المعلومة بصيغة أخرى. لكن لا أظن بأننا وصلنا بعد إلى مرحلة الأزمة. ما زال للكتابة التقليدية معجبوها وما زال الكتاب يسوق كما كان عليه الأمر في السابق. صحيح ليس بنفس الحدة، لكن الثقافة الرقمية هي مكملة لنظيرتها الكلاسيكية اليوم.
أما بخصوص وسائل التواصل الإجتماعي فالخوف كل الخوف هو تغليب التفاهة على المعلومة القيمة لأنه يصعب مراقبة ما يكتب، وللأسف الكل قادر أن يحصل على صفة الكاتب داخل هذه المنصات.
6/ سؤال حول ما تنتجه القنوات المغربية واتحدث عن الجانب الإبداعي .. ما رأيك في الانتاجات الرمضانية المغربية مقارنة مع ما تقدمه القنوات العربية وهل هناك تطور لهذه الانتاجات ام انه لابد من العمل وتخصيص دعم كبير لهذه الانتاجات لتكون افضل مع العلم اننا تتوفر على كفاءات عالية سواء في التشخيص او الاخراج او كتاب السيناريو .. وككاتب الا ترى معي ان تغييب الكتابة الروائية في الانتاجات المغربية من بين اسباب ضعف هذه الانتاجات ؟..
عطفا على هذا السؤال الا ترى معي ان منصات التواصل الاجتماعي سحبت البساط من القنوات وأصبح اليوتوب وغيره منصة تثير اهتمام المتلقي والمنتج والفنان حدا سوء..
ـ سأكون معك صادقا في هذه النقطة، شخصيا لا أتابع القنوات المغربية في رمضان. كما قلت لك سابقا، هذا الشهر بالنسبة لي هو شهر للإنسحاب الروحي. لكن عامة، تعاني الإنتاجات المغربية من مشكل الهوية، لا من حيث المضمون ولا من حيث الشكل. العائق الآخر هو الجانب المادي حيث أن المسلسلات والأفلام المحلية تجد صعوبة بالغة في إيجاد التمويلات الضرورية عكس دول أخرى كمصر وتركيا مثلا، مما يؤدي إلى ضعف في الكاستينغ و الأدوات اللوجيستية وهو الشيء الذي يجعلها تقوم بأعمال دون المستوى.
المشكل الآخر هو ضعف الرواية المغربية بصفة عامة. للأسف هذا النوع من الكتابة يكاد ينعدم في بلدنا، حيث غالبية السيناريوهات تكتب داخل الإستوديوهات بشكل منفرد وسريع.
7/ ما هي اول رواية قرأت أثرت في حياتك وكانت سببا وراء قرارك ان تصبح كاتبا ومن هو الانسان الذي تعتبره قدوة لك في مسارك المهني والابداعي ؟..
ـ أول رواية قرأتها هي رواية “الغريب“ للكاتب الفرنسي المشهور ألبر كامو. لكن ما قادني إلى ميدان الكتابة هو كتاب “Delacitéàlacity” لمؤلفه حميد سني. كتاب يحكي معاناة المهاجرين ذوي الأصول المغاربية بفرنسا.
8/ اختار ثلاث اسماء كنت تتمنى لو انهم لم يرحلوا عن هذه الحياة ؟..
نجيب محفوظ، الأم تيريزا و كولوش
9/ ثلاثة اسماء في ثلاث كلمات
ـ الطاهر بنجلون: العبقري
ـ ليلى السليماني: الجريئة
ـ محمد شكري: المناضل
10/ فريقك المغربي المفضل لديك ؟..
ـ المغرب التطواني لكن أشجع كل الفرق المغربية لما تلعب أمام فرق من دول أخرى.
11/ رسالتك إلى الشباب المغربي ؟..
ـ على الشاب المغربي أن يكون لديه أهداف محددة وأن يؤمن بقدراته ومن تم العمل بكل جد من أجل تحقيقها. لا تأبهوا لأعداء النجاح وحاولوا التركيز فقط على أهدافكم. والله المستعان.
12/ خارج المألوف…
ما رأيك في المنتخب الوطني وليد الركراكي ؟.. وهل ترشح المنتخب الوطني للفوز بكاس أفريقيا التي ستقام بالمغرب 2025 ؟..
ـ المنتخب الوطني بقيادة الركراكي تطور كثيرا وإنجازه في مونديال قطر اسثنائي يصعب على أي منتخب إفريقي وعربي تحقيقه. لكن الآن كل المنتخبات الإفريقية أصبحت تتوق لهزم المنتخب المغربي وأضحت طريقة وليد الركراكي معروفة للجميع. يجب عليه التكيف على الخصم وإيجاد الخطط البديلة إن أراد تحقيق اللقب في كأس إفريقيا 2025 بالمغرب. لدينا كل المقومات لذلك، لا من جمهور لا من لاعبين، لا من مسيرين ولا حتى من حيث البنيات التحتية. كل الظروف مواتية للفوز باللقب شريطة العمل بجدية وتصحيح الأخطاء التي وقعنا فيها في كأس إفريقيا الأخيرة.
13 / سؤال كنت تحب أن أطرحه عليك ولم افعل ،، ماهو و ما الإجابة عنه …
في فرنسا غالبا ما يطرح علي نفس السؤال : هل تشعر بنفسك فرنسي أم مغربي ؟
كنت أظن بأنك سقوم بطرح نفس السؤال. لكن وددت لو سألتني عن مشاكل الهجرة والإندماج بديار المهجر.
شكرا لكم الفنان والإعلامي بوشعيب خلدون ولمجلة آربريس على هذه المساحة ..